لا يعرفان بعضهما بعضا من قبل، فكل يؤدي واجبه المناط به بعيداً عن الآخر، إلا أن مهام العمل التي لا تعترف بالإجازة جمعتهما، فكانت صبيحة يوم الجمعة الماضي موعد لقائهما، وبداية رحيلهما، ولم يكونا يعلمان وهما يستقلان مركبة لنقل أشخاص مقبوض عليهم في صباح هادىء أنه سيكون آخر مهمة عمل لهما. الشيخ علي بن عبدالله الأحمري "53" عاما مدير هيئة مراقبة الأسواق في مدينة أبها، والجندي أول عبدالله سليمان قحمش " 25 " عاما، رحلا برصاصات غادرة وهما يؤديان واجبهما، وكان الفارق بين وفاة الأول والثاني قرابة أربعة أيام فقط. ويؤكد المدير العام لفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير الشيخ عامر العامر، أن الشيخ الأحمري عمل بتفان وإخلاص على مدى سنوات طويلة، وكان مثالا لرجل الهيئة المتزن والراقي في التعامل والأسلوب، رحمه الله. أما مدير إدارة القضايا بهيئة عسير الشيخ بندر آل مفرح فقال "الشيخ الأحمري - رحمه الله - عرف عنه التفاني لخدمة أهداف الهيئة وتوجهاتها على مدى أكثر من 20 عاما، وكان متميزا في العمل الميداني. ومن المواقف التي يذكرها آل مفرح للفقيد، حضوره دورة تدريبية في فندق قصر أبها وخلالها نودي لصلاة الظهر فداعب المحاضر قائلا: "أنتم الآن في منطقة عملي. الحقوا الصلاة بارك الله فيكم". وتبعها بابتسامته المعهودة. وبنبرات حزينة لم يستطع والد رجل الأمن سليمان قحمش عسيري التحدث إلى "الوطن" أمس، سوى بكلمات بسيطة سائلا المولى من خلالها أن يعوضه خيرا في ابنه الذي قتل برصاصة غادرة وهو يؤدي واجبه المناط به، فيما أكد شقيقه المهندس محمد بن سليمان، أن عبدالله رحل وهو في ريعان شبابه ولم يمض على التحاقة بوظيفته الحالية سوى ثلاث سنوات وغير متزوج، وعرف عنه طاعته المطلقة لوالديه. من جهته أعرب مدير شرطة المنطقة، اللواء عبيد الخماش، عن عزائه ومواساته لأسرة رجل الأمن، مؤكدا أن ملف قضيته وعضو الهيئة محل اهتمام بالغ من قبل المسؤولين في المنطقة والأمن العام. وتعود تفاصيل حادثة وفاة عضو الهيئة ورجل الأمن إلى قيام الجهات الأمنية بنقل أشخاص مقبوض عليهم من مدينة أبها إلى محافظة أحد رفيدة الجمعة الماضي، وبما أن من بينهم أحداثا فإن الأنظمة تتطلب وجود عضو هيئة مرافق، وأثناء السير أطلق أحد المقبوض عليهم النار على رجل الأمن، فتوقف سائق السيارة وهرع رئيس هيئة الأسواق بأبها لنجدة رجل الأمن وإنقاذه، فإذا بالشاب يواجهه برصاصة في رأسه، فيما عمل على إشهار السلاح في وجه السائق وأمره بفك القيود الحديدية منه والسير بالسيارة لمسافة تزيد على خمسة كلم في اتجاه أحد الأودية، والتوقف وعدم مغادرة المكان إلا بعد أن يختفي تماماً عن الأنظار، فيما لا تزال الجهات الأمنية، وفقا لناطق شرطة عسير الرائد عبدالله آل شعثان، تتعقب الجاني. إلى ذلك، أبلغ "الوطن" محافظ أحد رفيدة سعيد بن محمد آل مجري، الذي تابع مجريات الحادثة ميدانيا، ومصدر أمني رفيع في المنطقة، أن القاتل يتجاوز عمره ال21 عاما ولايزال هاربا، وليس حدثا كما تم تداوله.