عرف عن ستيف جوبز أحد مؤسسي شركة أبل ومخترع ومطور عدد من الأجهزة الإلكترونية أنه واحد من الشخصيات التي يصعب تصويرها. وطوال العقدين الأخيرين اهتمت أبل ومديرها التنفيذي جوبز باختراع وتطوير كثير من الأجهزة والبرامج التي غيرت وأثرت في طريقة تعامل الناس مع الأجهزة الإلكترونية، بل إن منتجات شركته أثرت على فكرة التصوير الضوئي وآلية تحرير ومشاركة وعرض الناس للصور. ولكن علاقة جوبز مع المصورين كانت علاقة تحدٍ، ليس من جانب تطوير برامج تحرير الصور لتجعل التصوير أسهل وأمتع وتنقله من الفيلمية إلى الرقمية، بل بصفة جوبز شخصية يصعب تصويرها كما ذكر تقرير نشر في مجلة (بي دي إن) الأميركية المتخصصة بالتصوير الضوئي بعد وفاته "ستيف لم يكن مجرد شخص صعب تصويره، بل كان مثالا للصعوبة". ولفهم معنى صعوبة التصوير الشخصي من المهم معرفة أهمية الصورة الضوئية الشخصية في الصحافة الأميركية، إذ إن كثيرا من المجلات والصحف تحتاج بشكل مستمر إلى خدمات المصورين المحترفين لالتقاط صور حصرية للأشخاص الذين تعد تقارير أو أخبار أو تحقيقات معهم وحولهم. ويكمن التحدي للمصور في التقاط صور مختلفة ومبتكرة معبرة عمن يصورهم، وشخصية قيادية مثل جوبز كان موضوعا دائما لكثير من الصحف والمجلات خلال العقدين الماضيين. يقول المصور الأميركي (ويليام ميرسر مكليود) لمجلة (بي دي إن)، "كانت نكتة بين المصورين أن جوبز يجسد الموضوع الكابوس بالنسبة للمصورين." بينما قال المصور الصحفي (إد كاشي) الذي صور جوبز عشر مرات خلال الثمانينات والتسعينات، "كان واحدا من أصعب المواضيع التي تعاملت معها. ولكني أقدر وعيه بأهمية الهوية، الترتيبات الخاصة بالصورة، ورسالة الصور". مصورون آخرون علقوا على شخصية جوبز كموضوع تصوير بأن صعوبته تكمن في أنه شخص مبدع مهتم بالتصميم ويريد ان يكون له رأي في الصورة مما يجعل مهمة المصور صعبة. ورغم أن جوبز حظي بعدد من الصور الشخصية من أهم مصوري البورتريه في أميركا إلا أن شركة أبل، بعد وفاته، اختارت له صورة التقطها المصور (ألبرت واطسون) لتحتل صفحة البداية في موقع الشركة على الإنترنت لتظهر تقريبا في كل دول العالم التي تعرض فيها أبل منتجاتها. الصورة التقطت بكاميرا فيلمية من القطع الكبير 4x5 في عام 2006م لصالح مجلة (فورتشن) الأميركية. يقول واطسون عن الصورة، "عندما دخل جوبز إلى الأستوديو كانت سطوته، شخصيته، وذكاؤه واضحة." ويضيف عن تلك الصورة الأيقونية ، "قررت أن ألتقط له صورة بسيطة في تكوينها وإضاءتها لأن ذلك يناسب شخصيته، لذلك طلبت منه أن ينظر مباشرة إلى الكاميرا وأن يفكر في مشروعه/ المنتج المقبل وأن يفكر في لحظة سبق أن تحداه الناس فيها." ومن الطرائف التي ذكرها واطسون حول هذه الصورة أن جوبز حين دخل الأستوديو استغرب أن واطسون ما يزال يصور بالفيلم بدلا من الكاميرات الرقمية، قائلا، "واو، أنت تصور بالفيلم؟!". وحين أجاب واطسون بقوله إنه لم يصل زمن الرقميات بعد لتحل محل الفيلم، أجاب جوبز، "أتفق معك"، وأضاف، "ولكننا سنصل!". صورة جوبز التي التقطها واطسون تقدم جوبز في صورة مختلفة عن الصورة التي تشكلت لدى الملايين عنه. فظهوره خلال العقدين الماضيين بسيط جدا في ملبسه، بنطال من الجينز الأزرق وسترة سوداء ذات رقبة طويلة، دائما ما يظهر صغيرا ونحيلا على المسرح حين يدشن منتجا جديدا لشركته، يدعو المشاهدين للنظر إلى منتجه، ولكن صورة واطسون تقدم شخصية متحدية ومتقدة الذكاء وفي حالة تأمل وتفكير. اختيار شركة أبل لهذه الصورة ربما يعود لعدة أسباب منها أنها كانت المفضلة لدى جوبز من بين مئات الصور التي التقطت له وربما لأنه يبدو في حالة مستمرة من التفكير والتأمل والتحدي. * كاتب ومصور سعودي