دعا مختص في تنمية الموارد البشرية إلى توفير حاجات الطفل الضرورية لتنمية إدراكه للوصول إلى جيل واع ومبدع، مبينا أن الطفل يبدأ تشكيل مداركه من خلال ما يكتسبه من معايشة للبيئة المحيطة به المتمثلة في الأسرة، ثم تأتي المدرسة والدائرة الاجتماعية. وأوضح أستاذ علم التنمية والموارد البشرية رئيس قسم الدراسات العامة بكلية ينبع الجامعية الدكتور صلاح صالح معمار في حديث إلى "الوطن" ضرورة تنمية إدارك الطفل بما يتوافق والمتغيرات التقنية في حياتنا، وأهداف تطوير مناهج التعليم العام، بهدف خلق جيل واع مستقر نفسيا، قادر على التفاعل مع الحياة بصورة إيجابية. وأوضح أن ذلك يكون من خلال إشباع حاجات الطفل الضرورية في الحياة، بدءا بالحاجات الفسيولوجية، وحاجته للأمن، وحاجته لخلق صداقات اجتماعية، وكذلك حاجته للتقدير، وتحقيق ذاته. ومن تلك الضروريات خمس يسهل تحقيقها من خلال تربية القيم، ببناء (سلم قيم) للطفل عن طريق القصة التي تعد من أهم وسائل غرس القيم في مرحلة الطفولة، والتي تبدأ بالقيم البسيطة كالصدق والتعاون، وتنتهي بالقيم العليا كقيمة الحياة، وقيمة العدل. وقال إنه بدون معايير سلوكية يبدو الطفل إنسانا متخبطا لا يعرف الصواب من الخطأ، ولا يعلم لماذا عوقب، أو لماذا شجع. كما يجب تنمية ذكاء الطفل من خلال اللعب، فالألعاب الجماعية والفردية تساعده على بناء جسد وعقل متوازيين مستقرين صحيا ووجدانيا ونفسيا، كما يجب البعد عن النقد اللاذع المستمر، في حالة الخطأ حيث يجب نقد سلوك الطفل، وليس الطفل ذاته حتى يتعلم الطفل الخطأ ولا يكرره. وأضاف الدكتور معمار أن كثيرا من الآباء ينشغل في علاج مشاكل الطفل قبل أن يبحث عن حاجاته ليشبعها. فالسلوك السيئ للطفل غالبا ما يكون نتيجة حاجة، والطفل الذي ينشأ في بيئة لا تشبع احتياجاته أو يشعر فيها بأنه غير مرغوب فيه يصبح سيئ التوافق مضطربا نفسيا. الأمر الذي يستدعي إشباع الحاجات الفسيولوجية للطفل، وكذلك حاجته إلى الأمن، وتعزز هذه الحاجة من خلال الاهتمام بالروح، أي ربط الطفل بالله عز وجل، وجعل الله عز وجل مصدر الأمان للطفل، وليس مصدر الترهيب كما يفعل بعض الآباء مع أبنائهم الذين يعرفون عذاب الله قبل رحمته، ويعرفون النار قبل الجنة، ويخافون غضب الله قبل معرفة أن الله هو الرزاق الرحمن الرحيم، والإشباع العاطفي أهم أسلحة هذه المرحلة، ويمكن توفيره من خلال الحضن اليومي والتقبيل على الرأس والمسح باليد على أعلى الرأس والبعد عن العقاب البدني قدر الإمكان. وأشار الدكتور صلاح إلى أن الطفل يحتاج إلى التقدير وكسب احترام الناس له، حيث يجب أن يشعر الطفل بأن الوسط المحيط يتقبله كما هو بعيوبه قبل حسناته، ويشجع إنجازاته، ويساعده على بناء ثقته في نفسه، واحترام فكره وخصوصيته وآرائه. وفي هذه المرحلة يتمكن الطفل من مواجهة التحديات دون الخوف من الفشل في تحقيق النجاح، فالطفل لا يشعر بالنجاح بل يشعر بالتشجيع الذي يلي النجاح. ومن هنا يجب على الآباء تسليح أبنائهم بالمهارات التي تساعدهم على النجاح وتحقيق الذات ومنها مهارات حل المشكلات ومهارات التفكير ومهارات الابتكار والإبداع.