أظهرت دراسة جديدة أن القطاع الصناعي الأميركي يمر بمرحلة حرجة، إذ يمكن أن يزدهر ويساعد في تحقيق الانتعاش الاقتصادي، أو أن ينحدر إلى حد لا تعود معه الولاياتالمتحدة قادرة على استعادة قوتها الصناعية تماما. وخلصت الدراسة التي أجرتها شركة الاستشارات الإدارية العالمية بوز آند كومباني مع معهد توبر للعمليات العالمية التابع لجامعة ميتشيجن إلى أن مستقبل التصنيع في الولاياتالمتحدة يتوقف على القرارات التي يعمل القطاعان العام والخاص على اتخاذها حاليا. وتجدر الإشارة إلى أن الجهات المصنعة الأميركية توفر حاليا نحو 75% من المنتجات التي يستهلكها الأميركيون، والذي يمكن أن يصل إلى 95% في بضع سنين حال اتخاذ قادة الأعمال والمسؤولين الحكوميين الإجراءات الصحيحة. وفي المقابل، قد يتراجع الإنتاج بمقدار النصف، ولا يعود يلبي إلا أقل من 40% من الطلب في الولاياتالمتحدة إذا ظل هذا القطاع مهملا. ويستند التقرير إلى تحليل التنافسية الصناعية الأميركية لكل قطاع على حدة، إلى جانب دراسة استطلاعية ل200 مديرتنفيذي وخبير في قطاع التصنيع. وأكدت الدراسة أن المصنّعين يرون أن هناك مرونة في هذا القطاع، على الرغم من التحديات الراهنة. وقال أكثر من 65% من المشاركين: إنهم ينوون مواصلة الاستثمار في أصول وتقنيات التصنيع الجديدة في الولاياتالمتحدة حتى عام 2025، وثمة مصنّعون كثر يعيدون نقل نشاطات التصنيع من آسيا وأميركا اللاتينية إلى الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك. ورغم أن العديد من القطاعات تُظهر إمكانات للنمو، وجدت الدراسة إجمالا أن أكثر من 50% من الوظائف في قطاع الصناعة بالولاياتالمتحدة معرضة للخطر، بالإضافة إلى نحو 50% من القيمة التي يضيفها القطاع في الولاياتالمتحدة. ويعود هذا الأمر إلى حد كبير إلى ضغوط عديدة تدفع المصنعين إلى خارج الولاياتالمتحدة، إلا أن تكاليف اليد العاملة لم تعد العامل الحاسم، فالعوامل الأخرى أصبحت تشمل القيود التنظيمية، وتراجع المعرفة التصنيعية، والمكانة المرموقة بالمقارنة مع دول أخرى مثل الصين. ويدعو التقرير القطاع الخاص وصناع القرار إلى التركيز على أربعة إجراءات لإعطاء قطاع التصنيع أكبر مقدار من القوة الدافعة. وتشمل الإجراءات كلا من التفكير والنمو على المستوى الإقليمي، إذ يتوجب على الولاياتالمتحدة بناء مستقبل أفضل مع المكسيك، وتحويل العمليات الأسهل التي تتطلب عددا كبيرا من العمالة إليها، وإبقاء العمل الذي يتطلب مهارات عالية في الولاياتالمتحدة، إلى جانب تنمية المهارات وجذبها، حيث تحتاج الولاياتالمتحدة إلى برامج تعليم صناعي أقوى وإصلاحات تتعلق بالهجرة وتعزيز جاذبية الوظائف في قطاع الصناعة، وكذلك تعزيز التكتلات الصناعية ذات التأثير الكبير، إذ يستطيع القطاعان العام والخاص إنشاء تجمعات جغرافية للموردين ومقدمي الخدمات والمؤسسات الأكاديمية، وتعزيزها من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، وأخيرا تبسيط الهيكلية الضريبية والتنظيمية وتحسينها، إذ يبلغ معدل الضريبة الرسمية على الشركات في الولاياتالمتحدة 39%. ولن يؤدي سد الفجوة بين المعدلات القانونية والفعلية (28%) عادة، إلى المساس بالإيرادات الضريبية، إلا أنه سيساعد الولاياتالمتحدة على أن تصبح في مرتبة عالمية تمكنها من جذب العمليات الصناعية.