يرى مستثمرون في قطاع النقل أن استمرار تعثر مشاريع القطاع يعود إلى اختلال موازين المنافسة وترسية المشاريع الضخمة على شركات صغيرة بسبب عطاءاتها الضعيفة مما يتسب في تأخير إنجاز المشاريع أو تعثرها لاحقاً. فيما دعوا إلى ضرورة إنشاء هيئة مستقلة ماليا وإداريا تعنى بشؤون القطاع بمختلف أنشطته، وتسعى لتنظيم القطاع وتصنيف القطاع وتطوير المنافسة وحماية الاستثمارات في القطاع. وأوضح رئيس لجنة النقل البري بغرفة الشرقية فهد الشريع في تصريح إلى "الوطن" أن شركات النقل على مستوى المملكة تعاني من غياب التصنيف، مما يسهم في تعثر الكثير من المشاريع الخاصة بالشركات الكبرى. وقال الشريع إن إنشاء تصنيف لقطاع النقل من شأنه تحديد نشاط وإمكانات كل شركات للنقل البري، وبالتالي الارتقاء بالقطاع حيث يصبح العمل فيه حسب آلية منظمة تمنع التداخل والعشوائية، مؤكداً أن الهيئة سترفع من مستويات الخدمة إلى مراحل متقدمة تتناسب مع النمو الاقتصادي في المملكة والتسارع في أداء بقية القطاعات. وأوضح أن وجود التصنيف سيحد من عشوائية المنافسة بين الشركات الصغيرة والكبيرة لمشاريع ضخمة دون قدرة الشركات الصغيرة على تنفيذ المشروع. وأشار إلى أن الشركات الكبرى تتقدم بعروض تتوافق مع المصاريف التشغيلية الكبيرة، فيما تقدم الشركات الصغرى عروضا بأسعار أقل، نظرا لعدم وجود مصاريف تشغيلية تذكر. وقال إن المنافسة تتم على المشاريع بين شركة لديها أسطول مؤلف من 500 شاحنة مع أخرى لا تملك إلا 20 شاحنة وهو يعد اختلالا في المنافسة. لافتاً إلى أن عدد الشركات العاملة في صناعة النقل وفقاً لأعداد التراخيص تتجاوز 40 ألف ترخيص على مستوى المملكة 50 شركة تمتلك أسطولا يتجاوز 1000 شاحنة للشركة الواحدة. وشدد على أن قطاع النقل من القطاعات الحيوية، التي تمثل عصب الحياة في الكثير من الأنشطة الأمر الذي يستدعي وضع أنظمة وتشريعات خاصة بشركات النقل. من جانبه قال المستثمر في قطاع النقل عبدالرحمن العطيشان إن إنشاء هيئة للنقل بشكل عام، يساعد في تقديم نقل نوعي، مشيراً إلى أن أكثر بلدان العالم أعطت النقل العام الداخلي دعما كبيرا، بحيث يمكن التنقل داخل المدن بمبالغ رمزية، أو حتى بالمجان، وذلك للحد من الحوادث، والازدحامات، والتلوث البيئي، والتي تعد كلفتها كبيرة ترهق موازنات الدول. ويرى العطيشان أن الهيئة المقترحة سوف تسهم في إعداد دراسات الطرق، وتحدد المساحات المطلوبة، وعدد المسارات، وفقا لمستوى الحركة التي يتوقع أن تحدث على أي طريق. وكانت دراسة متخصصة صدرت عن منتدى الرياض الاقتصادي بعنوان "تطوير النقل داخل المدن بالمملكة" أوصت بإنشاء هيئة وبميزانية مستقلة للنقل الداخلي، يكون من مسؤولياتها وضع الأطر القانونية والتقنية والإشراف على النقل داخل المدن، ووضع الخطط التدريجية الشاملة، يتألف مجلس إدارتها من ممثلين في قطاعات النقل والبلديات والمرور والقطاع الخاص، وذلك لأن قطاع النقل بات موزعا على هذه الجهات، وأن هناك قلة في التنسيق فيما بينها. وأوضحت الدراسة أن أهم مبررات تأسيس الهيئة هو أن النقل يعاني من عدم تناسق السياسات والأنظمة وعدم تكاملها وقلة الاستراتيجيات ويعاني من ضعف البيئة القانونية. ودعت إلى "إيجاد مخطط شامل للنقل داخل المدن"، يحد من الهجرة من القرى للمدن، والانتشار الأفقي، ويربط مناطق العمل بمواقع السكن، ويحقق الاحتواء اللازم للحركة. ولفتت إلى أن العديد من المدن "نمت بدون أي تخطيط مسبق، أو تجهيز لمسارات وخدمات النقل". وأكدت على ضرورة "الإدارة الذكية للنقل داخل المدن"، مع "تكامل الأنظمة والقوانين وصرامة التطبيق".