تسود في الصين حاليا حالة تشبه الفتور الذي يعقب النشوة العارمة وذلك في ظل التداعيات الناجمة عن البرنامج الاقتصادي الذي اعتمدته الصين عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، ذلك البرنامج الذي سيؤدي بالضرورة لحدوث تضخم وفقاعة في قطاع العقارات وجبل من الديون. ونجحت الصين آنذاك في تنشيط اقتصادها من خلال المليارات في مشاريع استثمارية مما ساعد العالم على اجتياز الأزمة بشكل أفضل. ولكن خبراء يحذرون الآن من أن الصين ستكون مكتوفة الأيدي هذه المرة إذا تعرض اقتصاد العالم للركود وتوقعوا ألا تؤدي الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، دور المنقذ. ورأى باري أيشينجرين، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا أنه "من الصعب السيطرة على الموقف اليوم عما كان عليه الحال عام 2009/2008". وقال :"كانت الصين آنذاك في وضع يسمح لها بالاعتماد على جميع وسائلها المتاحة من أجل تنفيذ برنامج هائل لتنشيط الاقتصاد وكانت البنوك مطلقة اليد في منح القروض أما اليوم فليس أمام صناع القرار السياسي في الصين مساحة كبيرة للتحرك". ونصح أيشينجرين في ضوء ارتفاع نسبة التضخم بالتقليل من منح القروض البنكية التي قال إنها هي التي أدت لارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه. وزاد البنك المركزي الصيني من قيوده المالية وجعلها أكثر صرامة ورفع قيمة الفائدة الرئيسة على القروض خمس مرات منذ أكتوبر الماضي ورفع الحد الأدنى من رأس مال البنوك المطلوب لمزاولة أنشطتها تسع مرات. ورغم كل ما بذلته الصين من جهود فإن نسبة التضخم وصلت في شهر يونيو الماضي إلى 6.5 % واستمرت في الارتفاع في شهر يوليو ووصلت نسبة التضخم لأعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات. ومما زاد استياء الصينيين أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بنسبة 14.8% عما كانت عليه في نفس هذه الفترة من العام الماضي، وسببت جبال الديون التي تثقل كاهل الحكومات المحلية في الصين قلقا متزايدا لبكين مما جعل خبراء أجانب يحذرون من أن هناك استهانة بحجم هذه القروض وخطرها. ويقدر حجم هذه الديون بأكثر من تريليون يورو. وحذرت وكالة ستاندرد أند بورز من أن هذه القروض يمكن أن تتسبب في خلق مشاكل في حين قدرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني حجم الديون الرديئة في النظام البنكي الصيني ب 8 إلى 12% من إجمالي القروض البنكية. وعلقت الإذاعة الصينية الرسمية على هذه المشاكل بالقول:"الصين تدفع ثمن خطة الإنقاذ الأخيرة "، مشيرة إلى تزايد أعباء الديون وارتفاع الأسعار و "انتفاخ فقاعة" قطاع العقارات بشكل خطير. وأصبحت هذه المشاكل تقيد قدرات حكومة الصين على تنشيط الاقتصاد الصيني في حالة حدوث أزمة. وقال الخبير الاقتصادي وونج يون من المركز الصيني للاقتصاد الدولي :"إن الحكومة الصينية استنفدت حتى الآن معظم إمكاناتها مما يعني أنها ستجد صعوبة في التعامل مع أية اضطرابات جديدة في أسواق المال العالمية".