من المفارقات، أن نشأتها الأولى كانت في أميركا، إلا أنها لم تدرس الطب في مراحله الأولى إلا في بلادها، مما يعني أن الإبداع حالةٌ فردية، لا تتعلق بالبيئة، ولا بالفروق العلمية بين محيط وآخر، وإنما تتعلق بالتميّز، و"الكاريزما" نفسها، وبما يختزنه الفرد من طاقات يستطيع استثمارها إن هو آمن.. أثبتت سلوى الهزاع، أن التعلم الحقيقي، إنما يكون بالحب، ولا شيء غير الحب، وأن الحب مفتاح سحري قادرٌ على فتح جميع الأبواب المغلقة، بل إنّه الكاسر الأقوى لحواجز التحدّي، والمتجاوز الأقدر لجميع عقبات التثبيط، وأوهام عدم القدرة.. تقول عن تخصصها العلمي: "أحببت كثيرا قسم الباطنة والجراحة، وكرهت قسم النساء والولادة ومع ذلك حققت فيه الامتياز، قررت أن أدخل قسم العيون لسببين: الأول؛ أن دراسته تعتمد على العين وهي في الجزء الخارجي من الجسم. أما السبب الثاني؛ فلأنه يجمع ما بين قسمي الجراحة والباطنة".. ولما تعلمت بالحب، صارت لها مع العيونِ حكاياتٌ تشبهُ ما ينبثقُ من الوجدان عن العيون.. وحكايتُها الأهم كانت مع العيون السعوديّة وأمراضِها الوراثيّة.. أي أن حكايتَها كانت مع ضيم مآقينا نحن، وهكذا يختار المنتمون إلينا تخصّصاتهم.. هذه السلوى، ليستْ مجرّدَ طبيبةِ عيون متميّزة وحسب، وليست أفضلَ طبيبة عيون في الشرق الأوسط فقط.. وليست إحدى ماحيات ريبة بعضِنا من بعضِنا فقط.. إنّها أكثر، لأنها امرأةٌ من حيوية وعلمٍ وعطاء وفاعليّة وتأثير وقدرةٍ على التغيير.. رأستْ وفدَ وطنِها من أجلِ صورة وطنِها في أميركا بتكليفٍ من خادم الحرمين الشريفين، لتُقدِّم لنا أنموذجاً لرائدةٍ سعوديّةٍ تركتْ خلفَها ريبةَ بعضِنا بشجاعةٍ لا تليقُ إلا ببناتِ وطنٍ يستحقُّهنّ.. هي دائماً ركنٌ أساس في قوائم التميّز الدولي، لا قوائم التحرّي والطلب؛ فقد اختيرتْ امرأةَ العام الدوليّة لمركز السير الذاتيّة بكامبيردج في بريطانيا, وأدرج اسمها في قائمة الشخصيات المميزة في الولاياتالمتحدة الأميركية، كما أدرج اسمها في قائمة ماركيز الرابعة عشرة لأبرز الشخصيات لعام 1997. سلوى الهزاع، لا تتقوقع داخل صدفتها العلمية، ولا تتكلس في مشفى آسن، ولا تقف عند حدود الأداء بشكل جيد وحسب، وإنما تذهب إلى مرحلة "الفاعلة"، اجتماعيّاً، والمتحركة في اتجاهات نحتاج إليها من امرأة أنموذج.. ملامحُها تشي بامرأةٍ جادّة وصارمة، وقدراتُها العلمية عليّة إلى حدّ استغلاق ما تقوله في ورقةٍ علمية متخصصة على أذهان العارفين بغير أسرار العيون، لكنّها قريبة من عيون البسطاء إلى حدّ عدم استنكافها من أن تفصّل القول في الإجابة على سؤال من نوع: "يا دكتورة سلوى، إيش الأحسن، النظارات ولا العدسات"؟!