أطلقت مكتبة الإسكندرية المرحلة الثانية لمشروع توثيق تاريخ الصحافة المصرية من خلال مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، حيث تشمل المرحلة استكمال توثيق تاريخ مؤسسة أخبار اليوم، والتي ستركز على إضافة العديد من الوثائق النادرة. وكانت ذاكرة مصر المعاصرة قد بدأت المرحلة الأولى بتوثيق عام لتاريخ مؤسسة أخبار اليوم والتي انتهت بإصدار كتالوج توثيقي للمؤسسة. ويرصد المشروع بدايات تاريخ الصحافة حيث عرفت مصر الطباعة لأول مرة أثناء وجود الحملة الفرنسية (1798 - 1801) وبدأت بإعداد المنشورات باللغة العربية، ثم أضافت المطبعة شيئًا جديدًا انفردت به مصر، وهو صدور الصحف، فقد عرفت مصر "الصحيفة"، وكانت أولى الصحف التي ظهرت في مصر: "كورييه دي ليجيبت"، و"لايكاد إيجيبسيان"، واهتمت الأولى بالأخبار الخارجية والفنية والثقافية وصدرت بالقاهرة وحملت أنباء العاصمة والأقاليم وكان الهدف منها تعريف الفرنسيين بما كان يجري في البلاد خاصة بعد انقطاع الجنود الفرنسيين عن فرنسا. أما الثانية فكانت صحيفة علمية تهتم بشؤون مصر وما يتعلق بها من حياة اجتماعية وأدبية وثقافية. وفكّر مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية في إصدار صحيفة عربية تكون لسان حال الحكومة، يشرف عليها الفرنسيون المستشرقون وبعض كبار المصريين، وبالفعل ففي نوفمبر عام 1800 صدرت الصحيفة وسميت "التنبيه"، لكن الظروف التي أحاطت بالحملة لم تسمح بظهور تلك الصحيفة. وشمل توثيق الصحافة المصرية لذاكرة مصر المعاصرة تسليط الضوء على نكسة الصحافة المصرية في عهد عباس حلمي الأول؛ حيث شهدت مصر العديد من التغيرات عقب تولي عباس الأول الحكم، حيث أغلق الكثير من المدارس والمصانع والمعامل، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الثقافية وانعكس ذلك بشدة على الصحافة، فاختفت الجريدة الزراعية ولم تصدر الوقائع معظم أيام حكمه وحتى الأعداد التي صدرت لم يطبع منها سوى نسخ قليلة لكبار ضباط الجيش. كذلك عهد الخديوي محمد سعيد وموقفه من الصحافة غير المستقر. فبعد أن أصدر أوامره بالاهتمام بالصحافة وترقية محرريها إذا به يتجاوز ما فعله عباس حلمي الأول، فقد تخلص من مطبعة بولاق وأهدى إلى أحد أصدقائه جريدة الوقائع المصرية (عبدالرحمن رشدي) بعد أن تعطلت عامًا كاملاً. إلا أن عهد سعيد تميز بظهور أول صحيفة شبه أهلية في مصر هي صحيفة "السلطنة" التي أصدرها إسكندر شلهوب عام 1857 بإيعاز من السلطان لإثبات حقوق السلطان في مصر وتقربه من الأهالي ولمقاومة نفوذ سعيد. وبعد تولى إسماعيل ولاية مصر عام 1863 وتسلمه البلاد في حالة شلل لما أصابها خلال عهدي عباس حلمي الأول ومحمد سعيد، اشترى إسماعيل مطبعة بولاق من عبدالرحمن رشدي، وبدأت الوقائع المصرية والصحافة المصرية عهدًا جديدًا اتسم بالازدهار والنهضة.