على الرغم من أن أمانة جدة تبذل قصارى جهدها في إظهار منطقة البلد بالشكل الذي يتناسب مع تاريخها، حيث تحوي بين جنباتها المنطقة التاريخية ذات التراث العريق، إلا أن هناك مشكلات مزمنة يصعب حلها كتجارة الكراتين الفارغة التي يسيطر عليها سماسرة يعملون لصالح شركات تدوير النفايات. وأصبح مشهد النساء الأفريقيات اللاتي يتجولن في منطقة البلد، ما بين باحثة عن الكراتين في حاويات النفايات أو أمام المحلات التجارية، وأخرى تحمل فوق رأسها حزمة من الكراتين، من المعالم التي لصقت بأذهان زائري المنطقة. وتعمل هؤلاء النسوة ضمن منظومة عمل غير قانونية لكنها مكتملة الأركان من حيث تحديد مكان وأوقات البيع والشراء وكذلك السعر، من خلال شراء سماسرة لبضاعتهن وتسويقها في وضح النهار لشركات تدوير النفايات أو تجار الخضراوات والفواكه. ووفقا لما أكده رئيس بلدية جدة التاريخية سامي نوار فإن جمع الكراتين يتسبب في إحداث الحرائق بمنطقة البلد، موضحا أن البلدية وضعت خطة لمكافحة هذه الظاهرة، وحمل أصحاب المحلات التجارية جزءا كبيرا من المسؤولية، مشيرا إلى تخصيص البلدية 4 مراقبين لتتبع القائمين على هذه الظاهرة ومصادرة ما يجمعونه. واتهم مصدر في البلدية تحتفظ "الوطن" باسمه شركات تدوير النفايات مسؤولية تجارة الكراتين، مشيرا إلى أن بإمكانها أن تستأجر محلات خاصة لبيع وشراء الكراتين، إلا أنها وجدت في هؤلاء بغيتها، حيث يوفرن لها احتياجاتها بمقابل مادي بسيط. ولفت إلى تخصيص هؤلاء النسوة ساحة للبيع والشراء يمارسن فيها تجارتهن بكل يسر وسهولة، معترفا بإخفاق البلدية في القضاء على هذه الظاهرة، مطالبا بتقنين هذه التجارة بحيث تخضع لرقابة الأمانة. من جهته، أشار أبو أحمد، أحد سماسرة بيع الكراتين إلى أن لديه ما يقارب من 20 امرأة تعمل لحسابه في جمع الكراتين من حاويات النفايات، مضيفا أن الواحدة منهن قد تحصل على 300 ريال يوميا، لافتا إلى وجود تنسيق مستمر بين السماسرة وشركات التدوير لبيع الكميات التي يتم تجميعها. وأكد تضييق مراقبي البلدية عليهم ومصادرتهم لكميات كبيرة من الكراتين، وطالب بتخصيص أماكن لهم لممارسة مهنتهم بطريقة نظامية، حتى لا تضيع جهودهم في تجميع الكراتين هباء. من جهتها، أشارت إحدى البائعات، واسمها حواء، إلى أنها توجد باستمرار في منطقة البلد لجمع الكراتين من حاويات النفايات، وأكدت أنها تعمل لصالح أحد السماسرة مقابل راتب يومي. وقالت: أجمع الكراتين وأبيعها أحيانا لتجار الخضراوات والفاكهة حيث المردود أكبر من سماسرة شركات التدوير الذين لا يوفون بعهودهم أحيانا".