ينام باكراً كي يصحو على الأمل، ويفتش في حقيبته البالية عن موعد مع سالف الأيام، مضت رحلته الثلاثينية دون أن يلتفت لمغريات العصر، حتى غدا مقصداً للزائرين، سوق الصواريخ الذي يندر أن تجد فيه متسوقا بعد العاشرة مساءً، لم تتمكن مراكز جدة التجارية من وضعه خارج حلبة المنافسة، حيث بقي منافساً لها لا سيما عند ذوي الدخل المحدود. لقد حقق الحراج المقام فيه شهرة تعدت السوق نفسه حتى أصبح البعض يطلق على المكان برمته "حراج الصواريخ"، ويتردد أن ذلك الحراج يتداول الباعة فيه كافة البضائع من "الإبرة حتى قطع غيار الطائرات"، ويعد المكان المناسب للطبقة الفقيرة نظرا لبضائعه الرخيصة. سوق الصواريخ كما يشير المواطن أحمد بانعيم يعود تاريخه إلى 28 عاماً مضت، حيث نشأ عن طريق باعة كانوا يفترشون الأرصفة لبيع السلع القادمة من ميناء جدة الإسلامي، وسمي بالصواريخ، لقربه من قاعدة الصواريخ جنوبجدة، ويحتل السوق مساحة تتجاوز المليون متر مربع، ويوجد فيه 26 مركزاً و12 ألف محل وحوالي 10 آلاف بسطة للملابس والأدوات الاستهلاكية والأواني المنزلية. ويتحول السوق يوم الجمعة إلى خلية من الناس يندر معها أن يجد الزائر له موطأ قدم خاصة مع توافد بعض المقيمين لشراء الملابس المستعملة والمواد الاستهلاكية، والبضائع التي لا تحمل ضمان الوكيل "الأستوك" كما يعج السوق بالمراكز التجارية التي تبيع الماركات العالمية بأسعار منافسة. رغم أن السوق تحول لمزار سياحي لبعض قاصدي مدينة جدة من كافة أرجاء المملكة، ومستودع لشراء البضائع بالجملة من المحافظات الواقعة في نطاق منطقة مكةالمكرمة، إلا أن هناك صعوبة في الوصول إليه، نظرا لكثرة الشاحنات المارة في الطريق المؤدي إليه. ولا تقتصر معاناة مرتادي السوق على الطريق بل تتعدى إلى توافد عدد من العمالة المخالفة لنظام الإقامة للعمل في البسطات الممتدة في كافة أرجاء السوق. وأوضح المواطن عبدالله الزبيدي أن السوق الذي أصبح ظاهرة في جدة يعاني ضعف الرقابة خاصة مع الأعداد الكبيرة للمحلات التجارية والتي تبيع مختلف أنواع البضائع من الأثاث إلى الألبسة والديكورات والمواد الغذائية ومواد تجهيز المنزل. من جانبه، أضاف بندر اللقماني بأن مشكلة السوق تكمن في عرضه السلع بأسعار مغرية للزبائن، خاصة المواد الاستهلاكية التي لم يتبق على انتهاء صلاحيتها سوى شهر واحد، فضلا عن البضائع المقلدة، لافتا إلى احتواء البسطات التي يباع فيها أرز الزكاة على مواد تنظيف مما يمثل خطرا على صحة الإنسان. أما بندر الزبيدي فيرى في السوق الملاذ الآمن لذوي الدخل المحدود والفقراء، خاصة في المواسم كشهر رمضان، حيث يكثر الطلب فيه على المواد الاستهلاكية والملابس استعدادا لعيد الفطر المبارك والمتوفرة في السوق بأسعار منافسة، مشيرا إلى أنه أصبح الوجهة المثلى للفقراء وزائري جدة، خاصة من محافظات المنطقة. من جهة أخرى، أوضح مصدر في أمانة جدة أن هناك جولات رقابية مكثفة هذه الأيام على الأسواق، لا سيما الشعبية بهدف القضاء على ظاهرة الغش التجاري وضبط المتلاعبين، مضيفا أن حراج الصواريخ تحت أنظار فرق الأمانة والجوازات والتجارة.