شهدت الساحة الليبية أمس تطورات عسكرية تمثلت بتقدم المعارضة المتمركزة في مصراتة نحو 20 كلم باتجاه طرابلس، وسط قصف من القوات التابعة للعقيد معمر القذافي، حيث أفيد عن مقتل 14 معارضا قرب مصراته. وفيما تشهد مدينة بنغازي وغيرها من المناطق المحررة مسيرات مليونية تضامناً مع المناطق التي ما زالت تحت سلطة القذافي، وأكدت تركيا والإمارات الحاجة لوقف نزيف الدماء وانطلاق عملية انتقالية سياسية فى ليبيا بعد رحيل العقيد. وقال قادة للمقاتلين في الدفنية على المشارف الغربية لمصراتة إن قواتهم أحرزت تقدماً ليلة أول من أمس بامتداد جانب من الجبهة. ومن الممكن أن يجعل هذا التقدم المقاتلين عرضة للهجوم لأنهم لم يتح لهم الوقت الكافي للتحصن وبناء مواقع دفاعية. وسيكون هذا التقدم واحداً من أكبر التطورات بالنسبة لمقاتلي المعارضة خلال أسابيع من القتال الذي يتسم بالجمود إلى الغرب من مصراتة. ومن مستشفى ميداني في الدفنية كانت تتردد أصداء تصادم قذائف مورتر ونيران مدفعية وصواريخ جراد روسية الصنع. ورأى مراسل لرويترز في المستشفى جريحين ينقلان من الجبهة. وأصيب واحد في الجزء العلوي من الفخذ بينما أصيب الآخر في ساقه، وأجرى لهما الفريق الطبي الإسعافات الأولية لنقلهما لمستشفى في وسط مصراتة التي تبعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس. وقال أحد المقاتلين إن أحد زملائه قتل في قصف بالمدفعية أمس. سياسياً، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان عقب اجتماع بينهما في أنقرة مساء أول من أمس - بحضور مسؤول العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة الليبية محمود جبريل - إن هناك حاجة لاتخاذ خطوات مهمة في ليبيا وأن أكثر هذه الخطوات إلحاحاً هي وقف نزيف الدماء وانطلاق عملية انتقالية سياسية . ولفت أوغلو إلى أن تركيا اقترحت من قبل خارطة طريق لإنهاء الصراع في ليبيا، معرباً عن أمله فى أن يسفر اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا - الذي سيعقد في إسطنبول 15 الجاري - توافقاً حول العديد من خرائط الطريق التي وضعت بهدف تحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا. وتضم مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا دولاً عربية وأجنبية من بينها الإمارات وقطر والكويت والأردن والولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وتركيا، إلى جانب ممثلين عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية. من جانبه أكد وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان ضرورة أن يبعث الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال برسالة إلى القذافي، مفادها إنه "إن كان زعيماً حقيقياً للشعب الليبي ، فإن عليه أن يظهر للعالم كيف يمكن أن يضحي من أجل ليبيا ، لكن ما نراه - مع الأسف - هو أنه يضحي بالشعب الليبي بدلاً عن ذلك" . ومع التشدد التركي حيال القذافي، إلا أن رئيس بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا والأكاديمي المتخصص في الشؤون الليبية البروفيسور ديرك فاندويل، يقول إن روسيا وتركيا وبريطانيا تحتفظ بقنوات اتصال خاصة مع القذافي بحثاً عن مخرج من الموقف الراهن. وتابع "يرى بعض الوسطاء أن على الولاياتالمتحدة وبقية العواصمالغربية الضغط على المجلس الوطني الانتقالي حتى يتخلى عن بعض شروطه التي تجعل من التفاوض أمراً مستحيلاً مثل الإصرار على محاكمة القذافي وعائلته إذا ما غادروا ليبيا". وتتباين الآراء الآن حول ما إذا كان القذافي يمكن أن يقبل حلاً وسطاً يقضي بمغادرته ليبيا أم أنه مصمم على الاستمرار حتى النهاية ، أم أنه يستخدم كل ما لديه الآن لتحسين فرصة التوصل إلى اتفاق لاحق حول شروط تركه السلطة. ويقول فاندويل إنه يرجح أن القذافي مصر على القتال حتى النهاية وإن أي تغيير محتمل سيأتي فقط ممن هم حوله بما في ذلك ابنه سيف الإسلام الذي يشارك الآن في الاتصالات التي تدور عبر القنوات الخاصة غير المعلنة.