مضيفو الطيران هم واجهة الناقل الجوي في السماء، ومن يقوم ب"الضيافة" يجب أن يجمع بين الكفاءة المهنية وحسن الهندام واللياقة واللباقة، مهامهم الثانوية تقديم الخدمة للركاب، وأساس عملهم التمكن من وسائل السلامة والإنقاذ والإلمام باستخدامها في حالات الطوارئ. مهام متعددة منها ما هو منوط بالناقل الجوي ومنها ما يرجع إلى المضيف نفسه، وهو ما يجعل الأسئلة تتداخل حول ما هو عمل المضيفين والمضيفات؟ وهل تنحصر وظيفتهم في استقبال وتوديع المسافرين؟ أو شرح تعليمات السلامة قبل الإقلاع؟ أو تقديم وجبات المسافرين؟ أو هدفهم المبيعات الجوية؟ وغيرها من التساؤلات التي تتبادر إلى ذهن الكثيرين خصوصا ممن يعشقون الترحال عبر الطائرات. "الوطن" دخلت في عمق أسئلة الجمهور غير المعلنة لتحصل على إجابات واسعة أزاحت اللثام عن تلك التساؤلات من خلال زيارتها لمقر أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران في جدة التي أنشئت في ديسمبر 2004، وتحمل خبرة أكثر من نصف قرن، وتعنى بتدريب أعضاء طاقم القيادة والخدمة الجوية والموظفين الأرضيين. مهمات شاقة وأنت تتجول بين أقسام الأكاديمية تشعر كأنك في ميدان لإعداد عناصر الدفاع المدني في جانب، وأطباء في جانب آخر، وفرق إنقاذ، ومركز للعناية الشخصية. المضيفون والمضيفات يزورون الأكاديمية مرة كل سنة لتجديد رخصة مزاولة المهنة التي تعيدهم إلى غرف الدراسة مرورا بالجزء الأهم وهو التدريب العملي على الطوارئ. ويشير كبير مدربي سلامة الطيران بالأكاديمية عبادي النهاري إلى أن تدريب المضيفين يبدأ بفتح أبواب مقصورة الركاب للحالات العادية والطارئة، وقال "لتدريبهم على هذه المرحلة أهمية قصوى، وأهمها إلمام المضيف بفتح الباب، ففي الحالات العادية التي لا يفتح فيها المضيف الباب إلا بعد سماع طرقتين من الخارج، يتأكد بذلك من وجود جسر أو سلم الخروج من الطائرة"، وأما في حالة الطوارئ "فهناك هبوط بري أو مائي، ففي الأول يتم تأمين الباب وفتحه بعد التأكد من عدم وجود ما يعيق الحركة بالخارج لتخرج بذلك زلاقة الطوارئ، أما في المائي فيتم التأكد من ارتفاع الباب عن مستوى الماء، ثم يتم تحرير الزلاقة من الطائرة لتستخدم كقارب حتى وصول فرق الإنقاذ على أن يخلى الركاب خلال 90 ثانية من فتح الباب"، موضحاً "أنه يتم تدريب المضيفين والمضيفات على تلك الحالات لاسيما عندما تكون الرؤية غير واضحة بسبب الظلام أو الدخان بواسطة 12 جهازا تدريبيا لمختلف أنواع الطائرات، توفرها الأكاديمية". محاكاة حقيقية في التدريب وفي رحلة "الوطن" الافتراضية إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض عبر جهاز السموليتر، لطائرة بوينج 747-400 نوع جامبو، أكد مدير قسم صيانة تدريب الطيران التشبيهي محمد الحربي صاحب الخبرة الممتدة ل22 عاما، أن المؤشرات في الجهاز مماثلة لمؤشرات الطائرة الحقيقية وجميع ما يمكن أن يحصل خلال أي رحلة مطابق تماما، "وهو ما حصل فعلا خلال الرحلة الافتراضية التي تمت برمجتها على أن تحتوي على العديد من المطبات الهوائية، إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن الإحساس به هو الضغط"، مشيرا إلى أن هيئة الطيران المدني تجري مطابقة على تلك الأجهزة كل 6 أشهر. ويضيف الحربي "أنه يتم تدريب قائد الطائرة ومساعده فقط في غرف المحاكاة التي تماثل الرحلات الحقيقية في ظروف جوية يحددها المدرب ويعيشها المتدربون كأنها حقيقية". وبين الحربي أن الأكاديمية تضم 5 أجهزة تدريب طيران ثابتة و8 متحركة وأجهزة للملاحة الجوية ثنائية وثلاثية الأبعاد، تتيح للمتدربين التطبيق العملي والمراجعة لأنظمة الطائرة أثناء الظروف العادية والطارئة، وقال "إن الأجهزة التشبيهية المتحركة مصممة بصورة مطابقة تماما لغرفة القيادة في الطائرة وبنفس المفاتيح والأضواء والأجهزة القياسية مع المؤثرات السمعية المرئية ومحاكاة الحركة كما هو متوقع في الطائرة". المساعدون المدنيون مقاعد الركاب التي تجاور أبواب الطائرة ومخارج الطوارئ تخصص عادة لفئة يجب أن تنطبق عليهم بعض الشروط ليتمكنوا من مساعدة ملاحي الكابينة والمضيفين في حالات الطوارئ، وهو ما أوضحه مشرف صيانة أجهزة تدريب الطيران عبدالرحمن فاضل، وقال "في حالات الطوارئ تتم الاستعانة بالمتطوعين المدنيين الذين يختارون بحسب أولويات أهمها أن يكون العمر أكثر من 15 عاما، وألا تكون لديه عائلة في الرحلة المسافر عليها، وأن يكون سليما طبيا، ولديه قابلية ومبادرة للمساعدة، فيتم تحديد المهام وتنفيذها على حسب الحاجة بحيث تتم مساعدة العاجزين والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة للقفز إن استدعت الحاجة لذلك". وأضاف فاضل "ويتلقى الطاقم تدريبات شاملة على الإسعافات الأولية وكيفية إخماد الحرائق وأنواع الطفايات بحسب الحريق، واللبس المخصص لمكافحة النيران وكيفية احتواء الحريق وإيصال الركاب إلى بر الأمان". سعة الاستيعاب بحسب رئيس الوحدة الاستراتيجية للأكاديمية الكابتن طلال بن حسين عقيل فإن ملاحي غرفة القيادة يدربون مرتين سنويا كمتطلبات لاستمرارية رخصة المزاولة، وقال "لدى (السعودية) حوالي1600 ملاح غرفة قيادة، يدربون مرتين سنويا كمتطلبات لاستمرارية رخصة المزاولة، كما نستقبل آخرين في دورات إعادة التأهيل والدورات الخاصة ونستقبل متدربين جددا، حيث يصل المعدل السنوي إلى حوالي 3500 ملاح، كما نستقبل تدريب ما مجموعه حوالي 5 آلاف من مضيفي الطيران التابعين للسعودية، بالإضافة إلى ملاحين من شركات الطيران التجارية لاستمرارية رخصة المزاولة حسب أنظمة الطيران المدني السعودي". مؤكدا أن الأكاديمية لا تعطي التدريب للأفراد وإنما لشركات الطيران، ويمكن استقبال المواطنات أو غيرهن للتدريب ولكن عن طريق شركات الطيران الرسمية، مشيرا إلى أن السعوديات اللاتي يملكن رخص طيران حاليا هي رخص خاصة، يمكن الحصول عليها من أكاديميات الطيران المنتشرة حول العالم. وأضاف "نحن ندرب على أجهزة محاكاة من الدرجة (د) التي تعد الأفضل حول العالم، والتي يعتمدها البعض ليقود المتدرب بعدها الطائرة بركاب غير أن الخطوط السعودية بعد التدريب لا تسمح بقيادة الطائرة إلا بعد التواجد مع مدرب لفترة زمنية محددة". ووفقاً لعقيل فإن الأكاديمية تسعى حاليا للحصول على تراخيص عدة من ضمنها شركة إيرباص، لتكون مركزا معترفا به دوليا، للتدريب الأساسي والأولي والانتقالي وتدريب الفوارق والتخصصي والتنشيطي السنوي والمهارات السنوي، مشيرا إلى أن الأكاديمية تضم 201 محطة حاسب آلي في 20 فصلا تقليديا عالي التجهيز. ترقيات الملاحين وعن الترقيات، قال رئيس الوحدة الاستراتيجية للأكاديمية "بعد حصول الملاح على الرخص سواء للطيران الخاص أو الآلي أو التجاري يبدأ الملتحق بالأكاديمية في التدريب بصفة مساعد طيار مصنف لإحدى الفئتين (ب) للطائرة إم دي 90 وإمبراير، أو (ج) للطائرة إيرباص 320 أو 321، وبعد تمضية 1000 ساعة طيران يترقى إلى مساعد طيار للفئة (د) للطائرات بوينج 747 أو 777 أو إيرباص 330 أو إم دي 11، وبعد تمضية 4000 ساعة طيران يترقى إلى قائد طائرة من الفئة (ب أو ج) وأخيرا قائد طائرة من الفئة (د) بعد تمضية 2500 ساعة طيران".