بين وعود بالمساعدة المجزية من الضمان الاجتماعي لتمويلهن، وتطلعات هيئة السياحة والآثار بنجران لتحسين السوق، وبطء إجراءات أمانة نجران في إنشاء سوق شعبي حديث، تواصل بائعات سوق نجران الكد اليومي لسد احتياجات الأسرة، وسط حرارة الشمس، ورداءة المكان، وسوء التنظيم. أم سالم (60 عاماً) تنهدت قائلة إنها تعول 12 فرداً، وإن وفاة زوجها جعلتها "تلازم السوق ويلازمها"، تقول "أوفر بضائع النساء، وخاصة النفساء منهن كالمر واللبان والقرض، وهناك المداخن والبهارات، ولكهولتي أستعين بمن يقوم بترتيب بضاعتي تحت إشرافي، ليسهل علي وعلى الزبون إيجادها بسهولة". أم سالم تشتكي من بعثرة زبائنها للبضائع، وتصفهم بأنهم لا يعبؤون بكبر سنها ويقلبون المحل رأساً على عقب، وتمنعها آلام بركبتها وكبر سنها من إعادة الترتيب، حتى يتفضل عليها من يعيد ترتيبها. أم سالم تريد تخصيص مبنى خاص بسوقهن النسائي حتى "تأخذ راحتها" حسب تعبيرها، فالسوق يعج بالرجال من جنسيات مختلفة، وتقول إنه رغم "العمر" نخجل، ولا نستطيع الأكل أو الشرب أو حتى الصلاة في وجود الرجال". أم صالح التي لقبت ب "شيخة سوق نجران الشعبي سناً" ( 70عاما) أثقلها كبر السن، فأصبحت تتكئ على عصا، وتشير بعصاها من مقعدها إلى موقع البضاعة المطلوبة لزبائنها، وصفت أم صالح محلها بالمتهالك، من كل النواحي، فالسقف تقطنه العناكب والحشرات، وطقسه حار صيفاً فلا وجود لأجهزة تبريد فيه. أم صالح كجارتها "أم سالم" تستعين بالرجال لمساعدتها في محل نسائي، و"تفزع" بأحد عمال السوق، أو أحد الجيران لترتيب المحل. تشكو أم صالح من قلة الزبائن، وتقول إن الدخل لا يغطي سوى استحقاق الموردين، وما يتم ادخاره للإيجار أو فاتورة الكهرباء. وفي السوق تفضل نورة حسن، وهي إحدى الزبونات لسوق النساء الشراء من محلات الرجال، لكونها أكثر ترتيباً، وبها إنارة وتكييف كافيان، بالإضافة إلى سرعة الحصول على الغرض فيها، وتقول "محلات الرجال انتشرت بكثرة، ولم يعد السوق كالسابق يغلب عليه النساء، نتيجة لكبر السيدات". وفي سوق البسطة خمس بائعات من النساء يجلسن بمكان مرتفع هو في الحقيقة كومة من التراب تحيط به النفايات، وللوصول إليهن يجب الصعود عن طريق أثاث قديم وضعنه بشكل ممدود كالجسر، ومن هؤلاء البائعات أم علي التي اختصرت معاناة بائعات البسطات في عبارة "كل شي سيئ هنا". وفي الجانب الرسمي يقول مدير هيئة السياحة والآثار بمنطقة نجران صالح آل مريح إن هناك تعاوناً قائماً ومستمراً مع الأمانة لتطوير مدينة أبا السعود التاريخية، بما فيها الأسواق الشعبية، خاصة أسواق الحرفيين والتراث الشعبي، أما بالنسبة لتوفير مبنى خاص للسيدات، فإننا نتمنى ذلك، ولكن أمانة المنطقة هي المعنية في الرد بذلك الخصوص". فيما استغرب مدير الضمان الاجتماعي بمنطقة نجران عبدالعزيز الخميس تخوف بعض النساء من أن ينقطع عنهن الضمان عندما يعملن في السوق، وقال "هذه فكرة غير صحيحة"، وأضاف "يصعب علينا مخاطبة السيدات لإيصال هذه الفكرة وإقناعهن، ونحن سندعمهن بمحلات تجارية، مع إبقاء صرف الضمان والمساعدات، وسيتم الاتفاق مع هيئة السياحة من خلال أخذ تصور للسوق الشعبي حتى يكون المكان متحفا تراثيا يبيع التراث النجراني". وينصح الخميس السيدات الراغبات في ممارسة البيع باللجوء للضمان الاجتماعي، وقال: "الإجراءات بسيطة جدا، فعلى السيدة إحضار فواتير للمعروضات الخاصة بها، وستتم مخاطبة الوكالة لنعتمد المبلغ الخاص بها، وسيتم بعدها رفعها للوزارة لتعتمد مشروعها، بعدها تبلغ السيدة حتى تستلم أوراقها والمبلغ الخاص بالمشروع، وستتم متابعة مشروعها لكل شهرين، حرصا على استمرارية المكان، حتى يكون معلما من معالم المنطقة.