الوطن/ ألو... الروائية زينب حفني؟ زينب/ نعم. كروائية سعودية كيف تكتبين؟ عندما أكتب تنقطع علاقتي مع العالم من حولي. لماذا؟ لأن عينيّ تغوصان في داخل أعماقي. صفي لنا أعماقك ما هي؟ أعماقي هي مجموعة من المتناقضات والغليان. كامرأة ما هو شكل الغليان الذي تعيشينه؟ هو انعكاس لواقع مرير أقوم بتفجيره على الورق. هل أنت متصالحة مع المكان؟ أنا امرأة أملّ سريعا من الأمكنة وأعشق الحرية. في بحث دائم عن مناخ حر وفضاءات رحبة. أنت تعيشين في جدة وتذهبين إلى أماكن بعيدة لكي تكتبي؟ هذا صحيح. وهل تعتبرين الكتابة بهذه الحالة أصيلة؟ أخي أنا لا أطيق الكتابة في أماكن مغلقة، كونها تُشعرني بالاختناق.. الأماكن المفتوحة تعطيني رغبة في الكتابة. أين الأماكن التي تهربين إليها لكي تكتبي؟ أي مكان مُشرعة نوافذه عن آخرها، ومفتوحة أبوابه على مصاريعها. مكان لا توجد فيه رقابة اجتماعية صارمة. عندما يشاهدونك كاشفة الرأس بماذا يلمزونك؟ يقولون بأنني لا أحترم موروثاتي الاجتماعيّة، وأنني لا اُمثّل المرأة السعودية. وأنتِ ماذا تقولين؟ أقول أنا أمثّل المرأة السعودية المنفتحة. ما الفرق بين الروائي والروائيّة؟ الفرق هو أن الرجل يكتب وهو مستلقٍ على ظهره والمجتمع يُصفّق له بحرارة حتّى إن أخرج غثّا! بينما المرأة تكتب وكل العيون تتربص بها متحيّنة الفرص للانقضاض عليها وإن كتبتْ دررا! لماذا برأيك؟ لأن الرجل ومعه المجتمع ينظران للمرأة بدونية. ألا يُعدُّ هذا تجنّيا؟ أبدا، هذه هي الثقافة السائدة. يدّعي الرجل المبدع أنه لا يستطيع الإبداع بعيدا عن وهج المرأة. وهج المرأة؟ نعم، هل المرأة بالمقابل لا تستطيع أن تكتب بعيدا عن وهج الرجل؟ لا يمكن للمرأة أن تكتب دون أن يكون للرجل وجود في حياتها، لأنني كامرأة لا أحس بوجودي دون نفس رجل يقطن بجواري. الرجل مصدر إلهام كبير لي. في مجتمعنا هل المرأة تفوقت على الرجل؟ نعم، تفوقت المرأة على الرجل في اتجاهات عديدة لكن غروره الذكوري يأبى عليه الاعتراف بذلك! بعض رواياتك فيها طغيان للجنس؟ الأدب عموما لا ينفصل عن الجنس.. وهذا ليس غريبا عنّا بل تجده متواجدا بقوة في موروثنا الأدبي الذي خلّفه أجدادنا، لكنني أتحدّى من يقول إنني كتبتُ تفاصيل خليعة في كافة أعمالي. لماذا المثقف العربي مضطرب؟ لأنه يحيا في مناخ عليل ومستقبل ضبابي الرؤية. روايتك "سيقان ملتوية" عن ماذا تتحدث؟ تتحدث عن الاغتراب الاجتماعي. ما هي الرواية التي استنزفتك؟ "ملامح". أين كتبتِها؟ كتبتها بين لندنوبيروت. هل أنت زبونة دائمة لبيروت؟ حلوة زبونة! يا أخي بيروت عشق كل العرب. أنت تكتبين بحذر وتغادرين جدة بحذر، لماذا كل هذا الحذر؟ حذرة؟ نعم، حذرة أو متوجسة خيفة من الآخر. قلة حيلتي في تفجير أحاسيسي بين الناس وشعوري الدائم بالاغتراب هو الذي خلق بداخلي ما يشبه التوجس. هل تحسين بأن هناك عيونا تترصدك؟ أنا مراقبة جيدة أرصد العيون التي تترصدني. هل تخشين الغيرة؟ أنا تعرضت لكثير من المواقف بسبب الغيرة. الغيرة من النساء؟ لا، من الرجل. من الرجل؟ نعم، من الرجل الذي يعيش عقدة المرأة، وأنها لا يمكن أن تتفوق عليه كمبدعة. نحن كرجال شرقيين نعتقد أن تفوق الرجل على المرأة هو حقيقة ومن المسلمات البديهية؟ هذا وهم! الرجل الشرقي ليس "سوبرمان" يجب أن يكون دوما في مقدمة الصفوف! أنت تتحدثين عن الرجل وكأنه كائن غادر؟ أنا لم أقل ذلك. هل حدث أن احتككت برجل؟ ما شكل الاحتكاك الذي تقصده. احتكاك ثقافي؟ لا تستهويني العلاقة الشخصية والثقافيّة بقدر ما تأسرني علاقتي الإنسانية معه. بمن التقيت من الوسط الثقافي؟ أحيانا ألتقي الروائي واسيني الأعرج وزوجته. أنت تؤكدين أنه مع زوجته وإلا لما قابلتِه؟ ليس هذا القصد، بل هو فعلا يكون دوما مع زوجته. رأيك بالكتابة الفضائحية؟ فضائحية في ماذا؟ فضائحية بشكل عام. أنا مع الكتابة أيّا كان نوعها ومضمونها شريطة أن يمتلك الكاتب أدواته. ما هي أدواته؟ اللغة والأسلوب والمضمون، أما الكتابة البعيدة عن هذه الأدوات فهي مبتذلة وخارجة عن حدود اللياقة الأدبية. مرة قلت بإحدى الصحف إن رحيل جورج حبش أحزنك؟ نعم، حزنت لرحيل جورج حبش. هل أنت مؤدلجة؟ لا، لكن أصحاب المشاريع الكبيرة أيا تكن توجهاتهم لا نملك إلا أن نحترمها كظاهرة فعل إنساني. من هو أفضل روائي سعودي من وجهة نظرك؟ من الرجال عبده خال. وإن كنتُ أرى أن هناك من يُنافسه بقوة من قبل عدد من الروائيات السعوديات رغم أنف من يُنكر ذلك! على من تُشفقين اليوم؟ أشفق على جدة، وما تعانيه مدينتي. فجدة لم تعد عروسا كما كانت.. هناك من تآمر على حبيبتي! كم عدد مؤلفاتك؟ أحد عشر مؤلفا. أقربها إلى نفسك؟ "لم أعد أبكي". هو اسم لرواية؟ نعم. رواياتك هل أنت راضية عن توزيعها؟ أنا لا أهتم بذلك. إذا من أين تنفقين على نفسك؟ أنا من الطبقة الوسطى، ولا تنس أنه لا يمكن للمبدع الجمع بين المال والإبداع. لكن الوراقين يجمعون بين الاثنين؟ هؤلاء يستخدمون الأدب ك"بزنس" أو واجهة اجتماعية. برأيك هل المرأة السعودية انتصرت لحقوقها؟ هي ما زالت تعمل لنيل بعض من حقوقها. ما هو أعز ما لديك؟ أعز ما لدي صورة والدي رحمه الله. من هو عدوك؟ أعداء النجاح هم أعدائي. لماذا لم تُكرّم زينب حفني في وطنها، رغم أن العديد من الدول العربية قامت بتكريمها؟! أؤمن بمقولة "مُطرب الحي لا يُطرب" أخي الكريم.. "أهلي وإن ضنّوا عليّ كرام". حوارنا معك انتهى شكرا. عفوا.