بدأ أمس تطبيق قانون حظر النقاب والبرقع في الأماكن العامة في فرنسا، وباتت النساء اللواتي يرتدين النقاب أو البرقع معرضات لدفع غرامة. كما يلحق القانون أيضا السجن لمدة عام ودفع غرامة بقيمة 30 ألف يورو لكل رجل يجبر امرأة على ارتداء النقاب. وتضاعف العقوبة إذا كانت المعنية قاصرة. واستقبلت الجالية الإسلامية القانون بمشاعر غضب واستنكار، فيما يتزامن البدء بتطبيق القانون مع تحول مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي إلى موضوع جدلي في فرنسا الدولة الأوروبية الأولى التي تفرض حظرا عاما من هذا النوع على النقاب، قبل نحو عام على الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2012، وسط تصاعد قوة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة. وكان الحزب الحاكم وفي ظل انتقادات حادة من قبل المعارضة خصوصا اليسارية ومقاطعة كاملة من قبل رموز الديانات الرئيسية وكافة رموز الجالية المسلمة في فرنسا، قد اختتم أخيرا نقاشه حول (الاسلام في فرنسا) وذلك خلال مؤتمر نظمه حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" تحت عنوان "العلمانية من أجل تعايش أفضل". وشدد الحزب في افتتاح الحوار على أن العلمانية قيمة تضاف إلى قيم الدولة الفرنسية الثلاث المعروفة وهي "الحرية والعدالة والأخوة". وذكر جان كلود غودان أحد أبرز قيادات الحزب الحاكم وعمدة مدينة مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا من حيث عدد السكان، بأن مرسيليا "ليس لديها أي مشكلة مع الجالية المسلمة المقيمة فيها" مشيرا إلى أن عدد أفرادها 200 ألف مسلم من أصل 860 ألف ساكن مقابل 80 ألف يهودي. وأعلن الحزب "في نهاية النقاش أنه: سيطلب سن قانون يخص العلمانية والحرية الدينية لحماية "النظام الجمهوري من مخاطر التطرف" على حد تعبيره. وانتهى المؤتمر إلى إعلان جملة من الاقتراحات يسعى الحزب من خلالها إلى سن قانون خاص بالعلمانية والحرية الدينية. وعرض مقترحات من شأنها تقوية ما سماه "مبدأ العلمانية"، الذي تبنته فرنسا كأحد أبرز أسس نظامها الجمهوري في العام 1905 وعرف بقانون "فصل الكنائس (أي الدين) عن الدولة". ويعود النقاش حول مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي إلى صدارة المشهد السياسي الفرنسي مع السجال حول تصريحات لوزير الداخلية كلود جيان ومؤتمر مثير للجدل ينظمه الحزب الرئاسي حول العلمانية. فقد أثار كلود جيان في بدايات العام الحالي جدلا بتعليقاته عن عدد المسلمين في فرنسا. كما صرح بداية هذا الأسبوع أنه من "الصحيح أن زيادة عدد المؤمنين بهذه الديانة (الإسلام) وبعض السلوكيات تطرح مشكلة". مذكرا بأن القانون حول العلمانية في فرنسا يعود الى 1905 عندما كان هذا البلد "يضم عددا قليلا جدا من المسلمين" بينما يقدر عددهم اليوم بما بين خمسة وستة ملايين. من جهة أخرى، رفض كافة ممثلي الديانات الرئيسية في فرنسا للنقاش حول العلمانية والإسلام الذي طرحه حزب الرئيس نيكولا ساركوزي معربين عن قلقهم من خلال بيان مشترك. مؤكدين فيه على تحذيرهم مما يحدث على حساب الديانة الإسلامية لصالح الدعاية الانتخابية الرئاسية المنتظرة. يشار إلى أن الإسلام هو ثاني أكبر ديانة في فرنسا. وكان مؤتمر قيادات الديانات الإسلامية والكاثوليكية واليهودية والبروتستانتية والأرثوذكسية والبوذية في فرنسا قد أصدر بيانا حذر فيه من خطر "إشاعة مشاعر العداء والانحياز ضد الإسلام الذي يدين به أكثر من ستة ملايين فرنسي". كما يذكر أيضا أن هذا النقاش يأتي قبل 13 شهرا من الانتخابات الرئاسية المقررة في 22 أبريل 2012 الدورة الأولى و6 مايو 2012 الدورة الثانية.