واصل الثوار الليبيون زحفهم غربا أمس واستعادوا السيطرة على العديد من المدن التي كانت خاضعة لقوات العقيد معمر القذافي، التي أنهكتها ضربات التحالف الدولي وأجبرتها على الانكفاء غربا نحو سرت. وأحكم الثوار سيطرتهم أمس على رأس لانوف النفطية وبلدة بن جواد التي تبعد عشرات الكيلومترات غرب رأس لانوف، ويتقدمون غربا وعينهم على مدينة سرت، مسقط رأس العقيد. وكان الثوار أحكموا سيطرتهم على مدن أجدابيا والبريقة والعقيلة أول من أمس، وهدفهم سرت، ثم مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية، التي يعتقدون أنها ستكون مدخلهم إلى العاصمة طرابلس. وتحاصر قوات القذافي مصراتة من الجهة الشرقية، فيما جددت مدفعيتها قصف المدينة، مما أدى إلى سقوط 3 قتلى على الأقل، حسبما أعلن متحدث باسم الثوار أمس. وأكد المتحدث أن "عشرات القناصة أرسلوا" إلى مصراتة حيث أخلت قوات القذافي بالقوة منازل تقع في غرب المدينة، داعيا إلى "تدخل عاجل للمجتمع الدولي لحماية السكان". وفي طرابلس قال أحد السكان إن قوات التحالف قصفت مدينة سرت وسبها الواقعة جنوب غرب البلاد، حيث أفادت مصادر بأن ثلاثة صيادين قتلوا. وتعاني طرابلس من أزمة خانقة في المحروقات كأثر من تداعيات الحصار الدولي، مما أجبر البعض على النوم أمام محطات الوقود أو ترك سياراتهم أمامها على أمل الحصول على ما يمكن أن يتوفر منه في اليوم التالي. وفيما نفت السلطات الليبية وجود نقص في المحروقات، اتهمت وزارة الخارجية الليبية والمتحدث باسم الحكومة الليبية الائتلاف الدولي بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وشنه غارات جوية مكثفة على قوات العقيد على امتداد الطريق المؤدي من أجدابيا إلى سرت. وقالا إن "نظام القذافي أوقف الهجمات على الثوار منذ أيام عدة"، وإن الهجوم على قواته "لا أخلاقي وغير شرعي"، ودعوَا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن". وكان التحالف الدولي أعلن أمس أنه منذ 19 مارس تاريخ بدء العمليات العسكرية، شن 1257 طلعة جوية من بينها 540 "ضربة". وتوفر الولاياتالمتحدة القسم الأكبر من الإمكانات مع 787 طلعة مقابل 470 للدول الأخرى المشاركة في العمليات الجوية وهي (فرنسا وبريطانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا والدنمارك وقطر). من جانبها أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن وتيرة العمليات لم تتراجع، موضحة أن 160 طلعة جرت السبت مقابل 153 الجمعة. وأوضحت أن 96 من هذه الطلعات أي ثلثي المهام الجوية هي ضربات جوية، أما الباقي فهي طلعات لفرض احترام منطقة حظر جوي. وسمع دوي ثلاثة انفجارات في الجنوب في سبها، حيث استهدفت الغارات موقعا عسكريا. كما أعلنت هيئة أركان الجيش الفرنسي أن المقاتلات الفرنسية دمرت أول من أمس في مصراتة خمس طائرات من طراز "غالب" ومروحيتين قتاليتين من طراز "ام آي 35" تابعة للقذافي في الساعات ال 24 الأخيرة. وقال دبلوماسي ومسؤول في حلف شمال الأطلسي إن الحلف وافق أمس على تولي القيادة الكاملة للعمليات العسكرية في ليبيا. وقال مسؤول في الحلف بعد اجتماع لدوله الثماني والعشرين "قرر حلف شمال الأطلسي تنفيذ جميع جوانب قرار الأممالمتحدة 1973 لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالمدنيين المعرضة للهجوم من جانب نظام القذافي". وقال دبلوماسي من إحدى دول الحلف إن القرار يعني أن الحلف أصبح يسيطر الآن سيطرة كاملة على كل جوانب العملية وينهي بذلك مفاوضات شاقة استمرت قرابة أسبوع بشأن تسلسل القيادة. من جهة أخرى، أعرب وزير الدفاع البريطاني وليام فوكس أمس عن اعتقاده بإمكانية تحكم قوات الثوار في صادرات النفط الليبية قريبا، وبذلك يمكنها أن تحدث تغييرا حاسما في "الديناميكية السياسية" للصراع. ورأى فوكس أنه إذا واصل المتمردون طريقهم بمحاذاة الساحل الليبي فإن ذلك يعني أنهم سيتحكمون في صادرات النفط الليبية، الأمر الذي يمكن معه إعادة توزيع توازن القوى في ليبيا من جديد. وتزامنا مع ذلك، أعلن علي الترهوني المسؤول عن الشؤون الاقتصادية والمالية وشؤون النفط في بنغازي، التي تسيطر عليها المعارضة، أمس أن حقول النفط الواقعة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار تنتج ما بين 100 إلى 130 ألف برميل في اليوم. وأوضح أن المعارضة أبرمت اتفاقا مع قطر على تسويق إنتاج حقول شرق ليبيا، وأن الشحنة التالية من النفط الخام ستكون جاهزة خلال أقل من أسبوع.