أعادت المعارضة المسلحة في شرق ليبيا تجميع صفوفها أمس وعاودت التحرك تجاه بن جواد بعدما أجبرتها القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي المدعومة بالطائرات المقاتلة، على التقهقر من بن جواد لتوقف زحفها نحو سرت مسقط رأس القذافي. وأوضح أطباء وموظفون في مستشفى رأس لانوف سقوط قتيلين وإصابة 22 بينهم صحفي فرنسي في قتال بن جواد. وتعرضت رأس لانوف الواقعة بين مدينتي سرت وبن جواد إلى قصف جوي عنيف بعد أن فشلت قوات القذافي في إعادة السيطرة عليها كما تعرضت المدينة لقصف صاروخي. وكان مقاتلو المعارضة سيطروا على بن جواد أول من أمس لكنهم انسحبوا في وقت لاحق ما سمح لوحدات من الجيش باحتلال منازل بالبلدة واتخاذ مواقع للقناصة ولإطلاق القذائف الصاروخية لتنصب كمينا أجبر المقاتلين على التقهقر إلى رأس لانوف. وقال علي عثمان وهو من قوات المعارضة "إنه قتال عنيف حقا مثل فيتنام. كل نوع من الأسلحة يستخدم. تقهقرنا وسنعيد تنظيم صفوفنا". أما المقاتل إبراهيم بودبوس فقال "هاجمت قوات القذافي بالطائرات وأطلقت النيران من على أسطح المنازل"، مشيرا إلى أن المحتجين أسقطوا طائرة هليكوبتر، في البحر. وتعرضت مدينة الزاوية غرب طرابلس، لقصف عنيف بعد سلسلة من الهجمات لإعادة السيطرة عليها من قبل القوات الحكومية، وساد هدوء مشوب بالتوتر في المدينة مع وجود مقاومين مسلحين بالبنادق فوق أسطح المنازل، فيما كان آخرون يحرسون نقاط تفتيش في الشوارع المؤدية إلى وسط البلدة، بعد معارك استمرت يومين أسفرت عن مقتل 60 شخصا. في المقابل زعمت الحكومة الليبية أمس أنها طردت المحتجين الذين سيطروا على شرق ليبيا منذ أكثر من أسبوع ليتراجعوا إلى بنغازي معقلهم بالشرق. وادعت قناة الليبية القريبة من سيف الإسلام نجل القذافي والتلفزيون الرسمي أن القوات الموالية للقذافي سيطرت على مدن رأس لانوف ومصراتة وطبرق وفي طريقها إلى بنغازي شرق ليبيا، لكن الثوار نفوا هذه المعلومات. وتحدثت القناة عن احتفالات في مدن طرابلس وسبها وسرت بهذا الحدث وبثت لقطات من مدينتي سبها وسرت والساحة الخضراء في مدينة طرابلس. من جهة أخرى، دعا العقيد معمر القذافي إلى إرسال لجنة تحقيق "من الأممالمتحدة أو الاتحاد الأفريقي" للتحقيق في الاضطرابات ووعد بالسماح للمحققين بالتحرك بحرية، ومحذرا من أن هذه الاضطرابات ستؤدي إلى كارثة في أوروبا. وأضاف القذافي في مقابلة نشرتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الأسبوعية الفرنسية أمس "سنسمح لهذه اللجنة بمعاينة الوضع ميدانيا من دون عقبات"، موضحا أنه "إذا كانت فرنسا ترغب في تنسيق عمل لجنة التحقيق وقيادتها، سأؤيد ذلك". وهي المرة الأولى التي يقدم فيها القذافي طلبا لتحقيق خارجي في أعمال العنف التي تشهدها ليبيا منذ بدء الثورة في فبراير الماضي. وحذر القذافي من انعكاسات الوضع في ليبيا على أوروبا، وقال إن "الآلاف من المهاجرين سيجتاحون أوروبا انطلاقا من ليبيا ولن يستطيع أحد إيقافهم". كما كرر تأكيده على جهود نظامه في مكافحة تنظيم القاعدة. وقال "سيكون لديكم أسامة بن لادن على أبوابكم. سيكون لديكم جهاد إسلامي في وجهكم في المتوسط". ورأى أن الإسلاميين المتطرفين "سيهاجمون الأسطول السادس الأميركي وستحصل أعمال قرصنة هنا على أبوابكم، على بعد 50 كلم عن حدودكم". وتابع أن "بن لادن سيطلب فدية من البر والبحر وستحدث أزمة دولية حقيقية". وكرر الزعيم الليبي اتهاماته بأن الثوار "اعتادوا على تناول حبوب للهلوسة" يوزعها عناصر من القاعدة قدموا من العراق وأفغانستان وحتى من الجزائر". كما أكد "لم أطلق يوما النار على شعبي. هنا في ليبيا، لم نطلق النار على أحد وستظهر لجنة التحقيق ذلك"، متهما الثوار "بترهيب السكان". وحول قرار تجميد الأرصدة العائدة له وللمقربين منه، قال القذافي إنه "لا يملك إلا خيمته". وأضاف "أتحدى العالم أجمع أن يثبت امتلاكي دينارا واحدا"، معتبرا "تجميد الأرصدة هو قرصنة إضافية مفروضة على أموال الدولة الليبية". وبالرغم من ذلك، كرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس أن "الوقت قد حان" لرحيل القذافي الذي يقمع حركة الاحتجاج في بلاده بشكل دموي. وأضاف "سنواصل ممارسة المزيد من الضغوط على هذا النظام. ونقول دائما إن القضاء الدولي لديه ذاكرة والذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية لن يفلتوا من العقاب".