حذر الزعيم الليبي معمر القذافي من أن الليبيين سيموتون بالآلاف إذا دخلت الولاياتالمتحدة أو أي قوى أجنبية أخرى إلى ليبيا، في الوقت الذي عبرت فيه سفن حربية أميركية قناة السويس أمس في طريقها إلى البحر المتوسط صوب ليبيا حيث تواصل الدول الغربية الضغوط على القذافي لينهي حملته على الانتفاضة الشعبية ويتنحى عن الحكم. وحذرت واشنطن من أن ليبيا قد تنزلق إلى الفوضى إذا لم يتخل القذافي عن السلطة، لكن القذافي ظل على تحديه. وفي شتى أنحاء ليبيا تواصل انشقاق زعماء القبائل والمسؤولون وضباط الجيش ووحداته عن القذافي وانضمامهم إلى صفوف المعارضة وهم يقولون إنهم أصبحوا أكثر تنظيما. في غضون ذلك لقي أربعة أشخاص حتفهم وأصيب عشرة آخرون في قصف جوي استهدف مدينة البريقة شرقي ليبيا. وشنت قوات الأمن التابعة للزعيم الليبي هجمات جوية على البريقة في مسعى لاستعادة السيطرة على المنطقة. وفي واشنطن حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من احتمال اتجاه ليبيا إلى الحرب الأهلية وقالت إن المعارضة تريد "إنجاز المهمة بنفسها نيابة عن الشعب الليبي وعدم التدخل الخارجي من قبل أي قوة خارجية". وقال رئيس القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس أمام الكونجرس إن أحد الخيارات الذي تجري مناقشته، وهو أن فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا سيتطلب القيام بقصف وسائل الدفاع الجوي المضادة للطائرات وبالتالي سيتعين دراسة الانخراط العسكري الكامل. وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس قد قال إن فرض حظر للطيران فوق ليبيا هو أمر يتسم بصعوبات، فيما ذكر عدد من أعضاء الكونجرس أنهم يدعمون ما قاله جيتس وإن بإمكان البنتاجون وضع خطط بديلة لمساعدة معارضي القذافي المسلحين. وصب السيناتور جون كيري المقرب من البيت الأبيض ماء باردا على دعوات فرض حظر فردي من الولاياتالمتحدة ضد ليبيا، بقوله "لا أعتقد أن من الصواب فرض حظر فردي الآن طالما أن المجتمع الدولي يتحرك بصورة جماعية في هذا الاتجاه". ويتسم موقف واشنطن الآن بقدر أكبر من الحذر تجاه دعم المعارضين للقذافي في ليبيا وذلك لأسباب مختلفة أهمها أن من غير الواضح أن البديل للقذافي لن يكون مصدرا لحالة من عدم الاستقرار في ليبيا أو ربما مصدر خطر من زاوية النظر الأميركية. وبدلا من الدعوة لفرض حظر للطيران وهي دعوة تلقى تراجعا الآن في واشنطن فإن كثيرين في العاصمة الأميركية يدعون لتبني حل تفاوضي مع القذافي. وفي جنيف رفض وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تأييد خيار الحظر الجوي قائلا إن ذلك يجعلنا لا نركز على التنفيذ الكامل للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على طرابلس. كما صرح وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس للصحفيين في واشنطن بقوله "من الواضح أننا ندرس الآن الكثير من الخيارات والخطط المحتملة لكن هذا النوع من الخيارات الذي نتحدث عنه له تداعياته أيضا". وأبدى القذافي استعداده لمناقشة تغييرات دستورية وقانونية دون أعمال عنف. وتساءل في خطاب خلال احتفال سياسي في طرابلس أمس عما إذا كان الغرب "يريد أن يصبح الليبيون عبيدا مثلما كانوا عبيدا للإيطاليين". وأضاف أن الليبيين لن يقبلوا ذلك وسيخوضون حربا دامية سيموت فيها آلاف مؤلفة من الليبيين إذا دخلت الولاياتالمتحدة أو حلف شمال الأطلسي البلاد. وفيما يتعلق بالقاعدة أبدى القذافي استعداده للحوار مع أي شخص من القاعدة أو أي أمير من التنظيم أو من يعين نفسه ليجيء ليقابله ويناقشه لكن القاعدة لا تناقش ولا مطالب لها على الإطلاق. وأكد أنه لن يغادر ليبيا "حتى لو غادرها جميع الليبيين". وأعلن أن سيطرة المسلحين المعارضين له على مدن ليبية "لا يمكن أن تستمر ويجب القضاء عليها". إلى ذلك أكد المتحدث باسم الرابطة الليبية لحقوق الإنسان علي زيدان أن ستة آلاف قتيل سقطوا منذ بدء الانتفاضة في ليبيا بينهم ثلاثة آلاف في طرابلس. وقال خلال مؤتمر صحفي نظم في مقر الاتحاد الدولي لرابطة حقوق الإنسان في باريس أمس إن "عدد الضحايا في كافة أنحاء البلاد ستة آلاف قتيل بينهم ثلاثة آلاف في طرابلس وألفان في بنغازي وألف في مدن أخرى" مثل الزاوية. وأضاف أن هذه الحصيلة منذ بدء الانتفاضة أعلى بكثير من الأرقام التي كان يتم التداول بها حتى الآن وهي مرشحة للارتفاع. كما اتهم المسؤول عن الرابطة الليبية لحقوق الإنسان تشاد بلعب دور في عمليات المرتزقة الأجانب الذين يدافعون عن نظام الزعيم الليبي. وقدر عدد المرتزقة في طرابلس بثلاثة آلاف وثلاثة آلاف آخرين في ضواحي العاصمة. وقال "يقود جنرالان تشاديان قوات المرتزقة".