يجلس أربعة صحفيين أمام ميكروفونات لمناقشة خطاب معمر القذافي الأخير داخل ما يشبه استديو أقيم في غرفة ضيقة بعيدا عن ضجيج المدينة. أهلا بكم إلى "إذاعة طبرق الحرة" في ليبيا حيث يتم اكتشاف حرية الصحافة. وتقوم في ليبيا اذاعات تحاول على غرار "اذاعة طبرق الحرة" إسماع صوتها في هذا البلد الذي تحكم فيه نظام القذافي على مدى أكثر من 40 عاما وبشكل صارم بوسائل الاعلام والصحافة. وقال عبد الله بليحق (29 عاما) المقيم في مدينة طبرق شرق ليبيا التي سيطرت عليها المعارضة منذ الاسبوع الماضي "إن اذاعة طبرق الحرة مشروع نفذه شباب. كلنا متطوعون. وهم الذين احضروا المعدات لبدء بث البرامج". ويعمل 25 شخصا بينهم 12 صحافيا في هذه الاذاعة التي أقيمت في المبنى السابق للاذاعة العامة الليبية، عند أعلى تلة بضاحية طبرق. وقال بليحق وهو مهندس عمل ثلاث سنوات حتى 2007 في التلفزيون الرسمي "نوصل صوتنا بفضل وسائل بسيطة الى جميع سكان المدينة، لنوضح لهم ما سنفعل في المستقبل. لأن مرحلة القذافي انتهت". وفي "الاستديو" يناقش الصحافيون آخر كلمة ألقاها القذافي في حضور زميل اجنبي دعي لهذه المناسبة، فيما "مهندس الصوت" يعمل على معداته ويراقب أجهزة الكمبيوتر التي تتولى البث. ويوضح بليحق بلغة انكليزية ممتازة وبكثير من الحماس أن الإذاعة التي تبث برامجها 24 ساعة في اليوم تغطي منطقة تمتد من الحدود المصرية على مسافة حوالى 130 كلم شرقا، إلى درنة على بعد 200 كلم غربا، وهي على "اتصال" مع إذاعات مستقلة أخرى في شرق البلاد. ويقول إن إذاعة طبرق الحرة "تذهب من الحدود الى درنة. ومن درنة إلى البيضاء والمرج، هناك إذاعة أخرى. وفي بنغازي، ثمة إذاعة ثالثة أيضا. نحن على اتصال معهم يوميا". وأضاف بليحق "إن كل وسائل الإعلام مدعوة للقدوم. نحن بحاجة لأن يرى العالم ما فعله القذافي للناس في ليبيا". ويناقش الناس في الشارع الأحداث الجارية في طرابلس أو بنغازي أو الزوارة، مستشهدين بما يرونه على الفضائيات التي تعوض عن خطوط الانترنت غير المنتظمة. وتسعى إذاعة طبرق الحرة للمضي أبعد من ذلك فتتوجه بحسب بليحق الى جميع سكان المدينة بأحيائها الفقيرة الكثيرة حيث السكان لا يصلون عادة إلى هذا النوع من وسائل الاعلام. لكن وإن كانت طريق حرية الصحافة تتكشف ببطء، إلا أن بليحق يدرك ان الامور ستستغرق وقتاً.