بعد أن ظهرت نتائج المرحلة الابتدائية بشقيها بنين وبنات احتفل الآباء والأمهات بأبنائهم وبناتهم، وقدموا لهم هدايا وجوائز النجاح، يلاحظ أن الجميع دون استثناء حصدوا الدرجات النهائية كاملة، وأن الرقم الفردي الوحيد الذي طبع على أوراق نتائجهم هو رقم واحد، الذي عرف بمصطلحات وقواميس وزارة التربية والتعليم بأنه إتقان كل وكافة المهارات والقدرات المطلوبة بتفوق وإبداع ونبوغ ونجاح لا مثيل له! من يعمل بالميدان يعرف أن مراعاة الفروق الفردية أمر مهم بين الطلاب والطالبات؛ ومن ضرورات تعليم اليوم، فيختلف الجميع في قدراتهم التي وهبها الخالق عز وجل لهم، فبعضهم يعتمد على الفهم وآخرون على الحفظ، وبعضهم يركز على الاستنتاج والاستنباط والتذكر، وفئات لا تحسن شيئا مما ذكر سابقا، ورغم ذلك تكون نتيجة الجميع واحدة وذات طابع واحد تصل تعاميم عاجلة من إدارات التربية والتعليم لإدارات المدارس تطالب الجميع بمراعاة الفروق الفردية بين الطلاب والطالبات، وتشدد على التقيد بما ورد بمضمونها وتسهب بشيء من التفصيل الممل الذي ينسف لاحقا بطريقة التقويم المستمر المطبق حاليا على عقول وأذهان طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية ولا يتم استثمار قدراتهم الحالية الفعلية والحقيقية، فأصبح الجميع سواسية ومتساوين في كل شيء، فالمتفوق كالمقصر والمبدع كالضعيف والناجح كصاحب القدرات الخاصة، والنتيجة واحدة وبرقمها الواحد! لا يلام المرء بعد اجتهاده فمعلمو المرحلة الابتدائية قد نفذوا كل ما طلب منهم وطبقوا كافة تعاميم وتعليمات الوزارة بكل حذافيرها وتفاصيلها دون حذف أو إضافة وبذلوا جهودا جبارة يشكرون عليها. قد سعد وفرح الجميع بهذه النتائج السباقة والغريبة والنادرة على مستوى العالم ويجني ثمارها مستقبلا هؤلاء الطلاب والطالبات الذين عبث التقويم المستمر بعقولهم وقدراتهم وعصف بأحلامهم الوردية والسعيدة وحولها لكوابيس وأحلام مزعجة بمجرد التحاقهم بالمرحلة المتوسطة فيجدون العقبات تنتظرهم والصعوبات تفترس براءتهم ولا يستطيعون القراءة والكتابة والإجابة على الاختبارات التحريرية فيلتف حولهم منسوبو ومنسوبات المرحلة المتوسطة لمواساتهم وإعادة تأهيلهم من جديد وهذا أمر ليس من اختصاصهم فهم يكملون ما وصل إليه الآخرون فقط، وليس من مسؤوليات أولياء أمور الطلاب والطالبات إقامة وتكثيف الدروس الخصوصية بالمنازل لإكمال رؤوس الأقلام التي تم إعطاؤهم إياها سابقا بالمدارس وإغفال جانب مهم لم يؤخذ بعين الاعتبار بأن هناك أولياء أمور لا يفكون الخط ولا يعرفون القراءة والكتابة! بالرغم من كل تلك السلبيات والعقبات والمشكلات التي أفرزها التقويم المستمر إلا أن رقم واحد قد احتكر كل نتائج طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية ولم ينافسه رقم آخر أو يشاركه بهذه الملفات، فالتقييم بالمرحلة الابتدائية يعتمد بشكل مباشر على السطحية ومظاهر وأشكال الطلاب والطالبات الخارجية، وقد تدخل معها الرحمة والعطف والأبوة والحنان فكانت المحصلة النهائية رقم واحد والكل واحد!.