24 ساعة فقط.. كانت الفارق الزمني بين إتمام سارة القحطاني حفظ القرآن الكريم كاملاً وظهورها في معرض ابتكار 2010 الذي اختتم فعالياته أمس لتقدم اختراعا لكشف المفرقعات ورصد الإرهابيين، الذي تتوقع أن يكون في يوم من الأيام حديث العالم بأثره. ابنة ال15 ربيعاً لم تكن تشعر بحجم المعاناة التي يعيشها الوطن وكثير من دول العالم بسبب الإرهاب، إلا بعد تلك اللحظات المشؤومة التي كانت تمثل نقطة تحول في حياتها، حيث كانت تتابع جهاز التلفزيون ووقفت من مقعدها فجأة مذهولة وهي تشاهد قصة الإرهابي الذي فجر نفسه على بعد متر واحد من مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز. منذ تلك اللحظة كان لا يشغل سارة حسن مبارك القحطاني الطالبة في المتوسطة السادسة للقرآن الكريم بالعاصمة الرياض إلا شيئان: إتمام حفظ كتاب الله تعالى، والتوصل إلى فكرة تساهم في إنهاء حالة القلق والترقب المرسومة على وجه الجميع بسبب مرض العصر الذي يسمونه ب"الإرهاب"، كانت تدرك أنها لن تستطيع أن تغير الكون أو تفعل المستحيل لكنها تؤمن أيضاَ بأن أضخم المشاريع في العالم بدأت بفكرة. تقول سارة "لاحت الفكرة في رأسي في درس اللغة الإنجليزية بالصف الثاني المتوسط، عندما كانت تتحدث المعلمة عن الاختراعات والتقدم الكبير الذي وصل إليه الغرب في هذا الجانب، خرجت إلى البيت ورأسها مشغول بما سمعته في الفصل الدراسي، وفي اليوم التالي مباشرة طلبت من والدها الذي يعمل مراقباً مالياً في تحلية المياه بالرياض أن يلحقها بمركز الموهوبات في الرياض، وهناك وجدت الطريق ممهدا لتفعل شيئاً.. حيث يتسابق الجميع على تقديم العون لها ومساعدتها على تفجير طاقتها التي حباها الله بها". لم يمض وقت طويل قبل أن تلمع الفكرة في رأسها.. جهاز يكشف المواد المتفجرة في السيارات، التي يلجأ إليها الإرهابيون دائماً قبل عملياتهم الآثمة، يتكون الجهاز الذي أطلقت عليه "السلام" من راصد حراري وكاميرا رقمية مدمجة ونظام الجي بي إس لتحديد المواقع بدقة، حيث يتم وضع الجهاز على الشوارع الرئيسية التي تتواجد بها المنشآت الحيوية والأمنية الهامة، وعندما تمر السيارة ويتم كشف المتفجرات يتم إرسال إشارات تحذير إلى مركز الرصد الرئيسي يحمل بيانات السيارات ومعلوماتها، وبالتالي تقوم الجهات المختصة بتحديد مكانها عبر تقنية الجي بي إس حتى الوصول لها وتعطيلها والسيطرة على الموقف. وكانت الفكرة محل إعجاب المسؤولين عن مركز الموهوبين ودفعتهم لوضع مكان بارز لطالبة الثالث متوسط سارة ضمن الاختراعات ال92 التي عرضها معرض ابتكار، وكذلك تقديم طلب رسمي للحصول على براءة اختراع. وتعود سارة للتأكيد على أنها وحدها لن تغير العالم لكن تحتاج إلى تعاضد الجميع، فتقول" أعرف أن الفكرة ستحتاج إلى الكثير من العمل لكني آمل أن تدخل الجهات العلمية لتطويرها وجعلها قابلة للتنفيذ خصوصاً أننا نعاني جميعاً من مرض استشرى في العالم كله وليس في بلدنا فقط، لقد سألت نفسي كثيراً: ماذا يريد هؤلاء؟ وما هدفهم مما يفعلون.. أنا وزميلاتي وغيرنا نريد أن نعيش في مجتمع آمن.. لانريد من يعكر علينا صفو حياتنا". فرحة طالبة المتوسطة التي تعودت أن تحصد المركز الأول بين المتفوقات باتت فرحتين مع نهاية معرض ابتكار، فقد تزامن ختامها لكتاب الله تعالى مع إعجاب الزائرين للمعرض بفكرتها التي قدمتها للناس بشجاعة وكأنها تريد أن تقول للعالم كله "لن يستطيع أحد أن يصيب مملكة الإنسانية والأمن بسوء بعد اليوم". تحلم سارة أن تكون طبيبة في المستقبل، وتعشق القراءة وتحب الإنترنت ولا يعطلها ذلك عن حفظها كتاب الله وأفكارها التي تقدمها لمركز الموهوبين، وترى أن حفظها للقرآن الكريم سيساهم بشكل كبير في إضاءة طريقها ومساعدتها على تحقيق الكثير من أحلامها.