شهدت العاصمة العراقية منذ ساعات الصباح الأولى حالة تأهب أمني وانتشارا واسعا لعناصر الجيش والشرطة خصوصا حول المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان وسفارات أجنبية، تحسبا لاحتمال تعرضها لهجمات من قبل المحتجين على "تردي الخدمات والأداء الحكومي"، الذين أعلنوا في بياناتهم القيام بتظاهرات أمام المنطقة المذكورة. وطبقا لشهود عيان فإن تعزيز الإجراءات الأمنية شمل أيضا مقرات الأحزاب والمباني الحكومية ومنازل المسؤولين في أحياء الكرادة والحارثية والقادسية والمنصور. من جهتها قررت قيادة عمليات بغداد حصر منح تراخيص التظاهر في العاصمة بمجلس المحافظة وسط استياء ورفض ناشطين وإعلاميين من القرار. وأصدرت منظمات المجتمع المدني بيانات عبّرت فيها عن رفضها للقرار. وقال الإعلامي والناشط في مجال حقوق الإنسان جبار المشهداني ل"الوطن" أمس "لا يجوز تحت هذه المظلة سحب حق التظاهر، والمواطن مازال يسأل عن ملفات خطيرة، والتظاهرات إن قامت فلن تستثني أحدا لأن المحتجين يعرفون من يريد تلبية مطالبهم ومن يعطلها". ووصف القرار بأنه خرق للدستور. وأشار الإعلامي صلاح مهدي إلى إمكانية منح مجلس محافظة بغداد تراخيص التظاهر لمن وصفهم ب"بلطجية الحزب الحاكم"، مضيفا أن التظاهرات هي ضد مجلس المحافظة لسوء خدماته ومصادرة الحريات، والمجلس الذي يهيمن عليه حزب الدعوة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء المالكي". ودعا وزير الدولة لشؤون العشائر جمال البطيخ الأطراف المشاركة في الحكومة إلى تعزيز استقرار العملية لتلبية مطالب الشعب العراقي. محذرا من تسييس التظاهرات الاحتجاجية على تردي الأداء الحكومي. وقال: إن المشهد السياسي يعكس تعقيدات وعدم انسجام ما أدى إلى غياب الاستقرار "ولو كان ذلك متوفرا منذ إعلان نتائج الانتخابات لتشكلت الحكومة في أسبوع واحد". وخلفت التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها العاصمة بغداد، ومدن عراقية أخرى مواقف متباينة لدى القوى الممثلة في البرلمان بين الرفض والتأييد والتحفظ. واتهمت جهات رسمية عناصر حزب البعث المحظور بتأجيج الشارع لتخريب العملية السياسية، فيما دعت هيئة علماء المسلمين الرافضة للمشاركة في العملية السياسية المتظاهرين إلى التعبير عن مطالبهم بأساليب سلمية. واصفة التظاهرات بأنها الخطوة الأولى نحو تحرير العراق وإنقاذ شعبه من مخلفات الاحتلال الأميركي. وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة بشار الفيضي: إن انتفاضة العراقيين لتحقيق التحرير وإنقاذ الشعب من الحكام الفاسدين "بدأت في كافة المحافظات". إلى ذلك أعلن وزير الخارجية الأميركي روبرت جيتس أن القوات الأميركية ستنسحب من العراق في نهاية 2011 كما هو مقرر. محذرا في الوقت نفسه من أن بغداد ستواجه "مشاكل" إثر هذا الانسحاب. وقال جيتس أمام لجنة الدفاع في مجلس النواب الأميركي مساء أول من أمس "بالتأكيد هناك من جانبنا مصلحة في الإبقاء على وجود إضافي" يزيد على ما تم الاتفاق عليه في 2008 بين البلدين. وأضاف "الحقيقة هي أن العراقيين سيواجهون عددا من المشاكل التي سيتحتم عليهم حلها إذا لم نكن موجودين هناك بأعداد كبيرة".