في الوقت الذي فرض فيه نظام "ساهر" المروري هيبته على طرقات الرياض، مجبراً السائقين على مراجعة ثقافتهم المرورية، اختار آخرون مواجهته بالحيل، فيما نشأت سوق سوداء لتقنيات يزعم بائعوها قدرتها على تجنب رصد الكاميرات للمخالفات. ولجأ بعض مخالفو النظام المروري "ساهر" إلى تقنية في بعض أجهزة الجوال المتطورة التي يمكنها تحميل برنامج خاص لكشف الكاميرات الرقمية قبل الوصول إليها بمسافة كافية وبالتالي تقليل السرعة، ويبحث آخرون عمّا روّج له بعض أصحاب محلات زينة السيارات بوجود "بخّاخ" أطلقوا عليه "بخاخ ساهر" يدّعون أنّه يمنع التقاط الكاميرات لأرقام لوحات السيارات. غير أن مدير مرور الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل نفى في بيان صحفي سابق وجود بخاخ يمكنه إخفاء لوحات السيارات، مشيراً إلى أن من يشتري مثل هذه البخاخات ليس لديه أدنى ثقافة, وأكد أنهم في مشروع "ساهر" يجرون اختبارات مستمرة للنظام مع الأخذ في الاعتبار أي معلومات أو تطورات بهذا الخصوص. ولجأ بعض الشباب إلى الطرق التقليدية كتغبير لوحة السيارة للتعتيم على كشف الكاميرات لها, فيما وصل الأمر بالبعض إلى السير بدون لوحات، وغطى آخرون لوحات سياراتهم بأكياس بلاستيكية للغرض ذاته، في حين دخلت "الفزعة" في الأمر، إذ يتناقل البعض رسالة إلكترونية انتشرت على نطاق واسع الأسبوع الماضي تبيّن مواقع كاميرات ساهر المنتشرة في بعض الطرق والتقاطعات بالعاصمة وتوضح أشكالها بالصور لتنبه السائقين برصدها لمخالفاتهم. واعترف أحد الشباب الذين يمتلكون نوعا من السيارات التي يمكن رفع لوحتها أنه يلجأ أحيانا إلى رفع اللوحة حينما يقرر ارتكاب مخالفات السرعة على الطرق السريعة, الأمر الذي لاحظته "الوطن" في أكثر من مرة في شوارع الرياض بوجود لوحات سيارات من نوع "كابرس" ذات الموديلات القديمة التي يمكن فتح لوحتها عند تعبئة البنزين ويتركها أصحابها مرفوعة وبالتالي لا تظهر أرقامها وحين يرصدهم رجال المرور يتعللون بأنهم قاموا للتو بتعبئة السيارة بالبنزين وقد يكون عامل المحطة نسي اللوحة مرفوعة. ووقفت "الوطن" على هذا السلوك الشبابي وزارت بعض محلات الزينة بالرياض، وأكد عاملون فيها أن أكثر أسئلة الشباب هذه الأيام عن كيفية التحايل على "ساهر" مما أدى إلى ترويج نوع من البخاخات أطلقوا عليه "بخاخ ساهر" يقول مروجوه إنه عند رشّه على لوحة السيارة يكوّن طبقة عازلة شفّافة تعكس الإضاءة وبالتالي ينعكس عليها "فلاش" كاميرات ساهر ولا تستطيع التقاط رقم اللوحة. وأشار عدد من العمالة الذين التقتهم "الوطن" إلى أن البخاخ ممنوع نظاما ويجلبونه بطرقهم الخاصة ويباع في سوق سوداء ولزبائن موثوق فيهم بسعر يتجاوز 120 ريالا للعبوة الواحدة. وتظاهر محرر "الوطن" برغبته في امتلاك هذا النوع من البخاخات وزار "شارع الغرابي" الذي يعتبر أكبر شارع لبيع مستلزمات وزينة السيارات بالرياض، ورصد توجس بعض العاملين في المحلات عند السؤال عن البخاخ المزعوم, كما لوحظ أن بعض العمالة من الجنسية الهندية والبنغالية حين يبدأ أحدهم بالإجابة عن استفساراتهم عن البخاخ ينهره الآخرون بلغتهم فيتراجع عن الحديث، ويكتفي بالقول إنه لا يعرف عنه شيئا وذلك فيما يبدو خوفا من ملاحقة الجهات المختصة لهم, فيما اعترف عدد من العمالة في بعض المحلات بترويج البخاخ في بعض المحلات التي تبيعه لزبائنها الخاصين وقد يروّج له الباعة المتجولين ولكن بصورة سريّة. وعند زيارة عدد من محلات زينة السيارات في شارع أبو الأسود الدؤلي شرق الرياض، عرض علينا أحد العمالة بخاخا على شكل غراء يوضع على مقدمة السيارة لمنع احتكاك الأتربة أثناء السفر فيما يعرف ب"التغبيرة" قائلاً إنه يمكن للبخاخ أن يحد من التقاط كاميرات ساهر للوحة السيارة، ومشيرا إلى أنه يباع ب35 ريالا ويجد طلبا من بعض أصحاب السيارات الذين يستخدمونه على لوحات سياراتهم. وقال الشاب علي المسيلي إنه لاحظ تذمر الكثير من الشباب من نظام "ساهر" الذي يراقب مخالفاتهم المرورية على مدار الساعة, مما دفع ببعضهم للتحايل على النظام بالكثير من الطرق التي لا تخلو أحيانا من الاستهتار والمخالفة الصريحة للأنظمة، ومن ذلك تعمّد بعضهم السير بدون لوحات وآخرون يقومون بتغطيتها بالأقمشة، ووصل بأحدهم إلى تغطية لوحة سيارته بورقة كتب عليها "قال ساهر قال" في إشارة إلى تحديه للنظام المروري الجديد وعدم قدرته على اكتشاف رقم لوحة سيارته. فيما أشار المواطن عبدالله الحربي إلى أنه بدأ يلحظ اهتمام الكثير من السائقين بأنظمة المرور خاصة عدم قطع الإشارة والسرعة, باستثناء بعض الشباب الذين لا يزالون يستهترون بالنظام ويحتاجون إلى توعية مكثفة لفترة محددة، وعندما لا تأتي بنتيجة فتجب ملاحقتهم بدوريات المرور السري للقضاء على ظاهرة ارتكاب المخالفات المرورية.