تعاني قرى محافظة المجاردة من حملة شرسة تشنها جماعات من قرود البابون التي هجرت الجبال بسبب عدم هطول الأمطار وجفاف الأرض، وموت الأشجار والمدنية الحديثة التي دمرت عوامل التوازن البيئي، فنزحت جماعات من القرود من الجبال بأعداد هائلة إلى القرى والأحياء السكنية في رحلة البحث عن الطعام والشراب، فعبثت بالمزارع، وأدخلت الرعب في قلوب الطلاب والطالبات وعاثت في المنازل والسيارات خراباً. يقول علي سعيد يحيى الشهري (من سكان قرية آل شغيب القف) إن القرود تهاجم القرية بشكل مستمر، وتتجمهر بأعداد كبيرة أمام المواطنين، بأصواتها وكثرتها، ووصل الحال بها إلى مهاجمة الطالبات في مدرسة البنات، واقتحام المدارس، واختطاف فطور الطالبات من أيديهن، والاستحواذ على ما في داخل حقائبهن من مأكولات وعصائر، مما جعل خروج الطالبات إلى فناء المدرسة أثناء الفسحة من المستحيلات". ويرى محمد أحمد الشهري (من سكان حي المرصد بالمجاردة) أن "القرود أصبحت هاجساً كبيراً لسكان الحي كونها تهاجم المنازل، وتعبث بالسيارات وحاويات النفايات، وتنثر كل محتوياتها، وتخيف الصغار، فضلا عن خوفنا من أن تنقل إلينا الأمراض الخطيرة التي تسببها أو تنقلها". محمد الشهري يملك مزرعة للخضار والفواكه، يقول إنه خسر كل المحاصيل بسبب عبث القرود التي تتلف المحاصيل الزراعية، وتسعى في خراب الأرض الزراعية. أما علي صالح قليل الشهري فيقول "نعاني من هجوم القرود على مواشينا ومحاصيلنا الزراعية، والأهم مهاجمة منازلنا بين الحين والآخر، والخوف من أن تنقل هذه القرود إلينا الأمراض المعدية، في حال تعرض الإنسان إلى عضها، ونحن الكبار نحتاط لها، ولكن الخوف على الصغار". عوض الشهري قال إنه يتأذى من القرود بشكل كبير، كون منزله يتعرض كل يوم إلى هجمات من القرود، حيث أتلفت سيارته وخاصة بوية السيارات، وكسرت مقابض الأبواب ومساحات الزجاج"، مشيرا إلى أن القرود حرمت أهله وصغاره من الخروج إلى فناء المنزل سواء في الصباح أو العصر. أحد العمال المزراعين سعد الكحلاوي يقول إنه يعمل في مزرعة أحد المواطنين في قرية آل فصيل منذ عشرات السنين، حيث كان يزرع الكثير من الفواكه كالموز والطماطم والكوسه والباذنجان وخلافها، وكان يذهب إلى الأسواق لبيع محاصيل المزرعة برفقة كفيله، ولا يخاف على المزرعة من عبث العابثين, ولكن في السنتين الأخيرتين أصبحت مزرعته عرضة لمهاجمة جماعات من القرود التي تعبث بكل المحاصيل وتتلفها. ويضيف الكحلاوي أنه بسبب هذه القرود، وما تقوم به من عبث بالمزارع قرر تغيير نشاط مزرعته من زراعة الخضار والفواكه إلى زراعة الروائح العطرية كالريحان والكاذي والبرك والشذاب، وعلل ذلك بأن هذه النباتات عطرية ولا تستفيد منها القرود. وبالتالي تعزف عنها. ويحمل رئيس محمية ريده لاحق بن محمد الحنيشي جزءا من المسؤولية على المواطن في انتشار هذه الظاهرة وتفاقمها بسبب إطعامهم لهذه القرود ورمي مخلفات الأطعمة لها، مما جعلها تستأنس به، وبالتالي وصلت إليه وضايقته. وأضاف أن هذه الظاهرة ليست موجودة على مستوى محافظة المجاردة، وحسب، بل تعتبر ظاهرة على مستوى المنطقة الجنوبية كافة، وأن سكان مدينة أبها كذلك يعانون بكثرة منها، وأصبحت تقلق الأهالي.