استهل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جولته الدولية الأخيرة بالإمارات العربية المتحدة، لتكون المحطة الأولى ، الأمر الذي يعكس العلاقات التي تربط البلدين على كافة المستويات. وكان في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي رحب بالأمير محمد قائلا: «إن هذه الزيارة تعكس علاقة البلدين التاريخية المتجذرة، وأن آفاقا واسعة من التعاون والشراكة الوثيقة والمثمرة تنتظر بلدينا.. ستظل الإمارات على الدوام وطنا محبا وسندا وعونا لأشقائنا في المملكة العربية السعودية». تعزيز العلاقات إقليميا ودوليا بدأت جولة العهد بناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وانطلاقا من حرصه على تعزيز علاقات المملكة إقليميا ودوليا، واستمرارا للتعاون والتواصل مع الدول الشقيقة في المجالات كافة، واستجابة للدعوات المقدمة من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، فقد بدأت جولة الأمير محمد بن سلمان يوم الخميس الموافق 22 نوفمبر الماضي بزيارة الإمارات العربية المتحدة، حيث جرت لولي العهد مراسم استقبال رسمية، حيث عزف السلام الوطني للمملكة، فيما أطلقت المدفعية 21 طلقة تحية لضيف البلاد. وبعد ذلك صافح الأمير محمد بن سلمان كبار مستقبليه من الشيوخ والوزراء والمسؤولين الذين رحبوا بزيارته للإمارات. فيما صافح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عددا من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين المرافقين لولي العهد السعودي. وعقد الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي جلسة محادثات بحثا خلالها مجمل القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، إضافة إلى التحديات والتهديدات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وتداعياتها على أمن شعوبها واستقرارها. وأثناء الاجتماع بين الوفدين السعودي والإماراتي، جرى استعراض أوجه التعاون الإستراتيجي بين البلدين وفرص تطويره في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول مجمل الأحداث والمستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
السعودية محور الاعتدال العربي كان لزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ردود فعل إيجابية على المستوى الإقليمي والعربي والدولي، حيث ذكر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش أن جولة الأمير محمد بن سلمان العربية، التي بدأها بالإمارات في غاية الأهمية. وأضاف: الجولة تؤكّد موقع السعودية الأساسي في محور الاعتدال العربي، وتتصل بزيارته إلى الأرجنتين ضمن اجتماع مجموعة ال 20، والدور السعودي لا غنى عنه لاستقرار المنطقة، ولن تنجح الحملات المغرضة في تقويضه. مجلس تنسيقي اتسقت المواقف السياسية السعودية الإماراتية تجاه معظم القضايا التي تمسهما وتمس المنطقة، بالتنسيق والتكامل والمشاركة، بما فيها المشاركة الاقتصادية، ما أكد علاقتهما الإستراتيجية الوطيدة التي تصلح أن تكون أنموذجا للتقارب والتعاضد وتبني الموقف الموحد. ونتج عن هذا التوجه إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين عام 2016، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ويهدف للتنسيق والتشاور في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، كما يضم 16 وزيرا في عضويته، ويجتمع بشكل دوري بالتناوب بين البلدين، بالإضافة إلى عمله على تنفيذ 44 مشروعا إستراتيجيا اقتصاديا وعسكريا وتنمويا مشتركا. تعاون إستراتيجي شكلت العلاقات الثنائية بين البلدين أنموذجا للتعاون والتبادل المشترك على المستوين الإستراتيجي والسياسي، إذ تعمل كل من السعودية والإمارات على التعاطي بشكل موحد في القضايا والمستجدات من خلال مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات، والتي ظهرت بشكلها الواضح في قضايا اليمن وإيران وغيرها من الصعوبات التي تواجه المنطقة. ولطالما ظهرت عبارة «المصير الواحد» في تصريحات مسؤولي البلدين الأمر الذي يشكل سدا منيعا أمام كل محاولات الأعداء للنيل من وحدة دول المنطقة أو محاولة العبث بالأمن والاستقرار في المنطقة كلها، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات. ووفقا لصحيفة البيان الإماراتية فإن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تشكل ركنا أساسيا ودعامة رئيسية للأمن الإقليمي بشكل عام، والأمن القومي العربي بشكل خاص، وهي علاقات تاريخية قائمة على أسس قوية وثابتة وتاريخ طويل من التعاون المشترك وتطابق المواقف والسياسات والرؤى تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية. إلى جانب أن كلا البلدين يمتلك سجلا ناصعا من الجهود الطيبة المباركة المبذولة في مساعدة ونجدة الشعوب الأخرى، والدفاع عن الحق والشرعية الدولية، وهو ما أكسبهما تقديراً واحتراماً وثقة دولية كبيرة. وأضافت الصحيفة: «مما لا شك فيه أن هذه العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام سيادتها، نموذج مثالي يحتذى به في العلاقات بين الدول». شراكة اقتصادية متينة من أعمدة العلاقة المتينة بين السعودية والإمارات ما يربط البلدين من شؤون تجارية واقتصادية، وهي الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتبر الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للسعودية على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص. ويصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 72 مليار ريال، حيث تتصدّر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية كما تجيء في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها السعودية. وتلعب الاستثمارات المشتركة بين الإمارات والسعودية دورا حيويا في هذا الجانب، وبحسب إحصائيات فإن الاستثمارات السعودية في الإمارات وصلت إلى 10 مليارات دولار من أكثر من 2360 شركة سعودية، و66 وكالة تجارية، وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة باستثمارات تخطت 9 مليارات دولار في قطاعات متعددة أبرزها الصناعة والخدمات. وقالت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان» في تقرير لها إن قيمة الاستثمارات السعودية المباشرة في الإمارات تجاوزت 4.3 مليارات دولار، ولا تشمل نشاطات الأفراد خصوصًا في قطاعات العقار والتجارة والأسهم، كما أظهر تقرير لدائرة الأراضي والأملاك في دبي أن السعوديين يأتون في المرتبة الثانية بين المستثمرين الخليجيين في القطاع العقاري، وبلغت قيمة استثماراتهم نحو 22.7 مليار درهم. ويعتبر إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز ال 100 مليار ريال نقلة هامة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.
السياحة ودورها في تنشيط الاقتصاد وفقا لسفارة الإمارات العربية المتحدة في الرياض فإن السياحة لها دورها في تنشيط الاقتصاد والسياحة بين البلدين ودور هام وحيوي في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، وذلك بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات، وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقا في الدولة. وأضافت: «قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطا كبيرا في إرساء دعائم العلاقات الإستراتيجية بينها والمملكة في كافة المجالات والميادين، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة إلى الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة».
إستراتيجية العزم ركيزة العلاقات السعودية الإماراتية، ونتجت عن تأسيس مجلس التنسيق المشترك بين البلدين وتتألف من 3 محاور: 01 الاقتصاد 02 الأمن العسكري 03 التنمية البشرية المشروعات المشتركة: 44 مشروعا التبادل التجاري قيمة التبادل: 72 مليار ريال الإمارات ضمن الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة الاستثمارات السعودية في الإمارات: 37.5 مليار ريال عدد الشركات: 2360 استثمارات الإمارات في السعودية: 33.7 مليار ريال