بدأت معاناته قبل 30 سنة في حادث مروري خرج منه مشلولاً نصفياً وفاقداً قدميه. وقتها كان عمره عامين، وحين راح ينمو جسده الضعيف كان الكرسي المتحرك هو الوسيلة المتاحة لتحركاته. وعلى مدار السنوات الطويلة كانت العراقيل تعترض طريقه، غير أنه قهرها جميعها، ونجح في كسب رزقه من عرق جبينه باحترافه مهنة سائق "تاكسي". لكن المدهش أكثر أنه احترفها خارج وطنه، في دولة الكويت ليكون المواطن السعودي الوحيد الذي يعيش على هذه المهنة في الكويت الشقيقة ويحمل إعاقة معقدة. إنه المواطن السعودي عبدالعزيز المحمد الذي يواجه تحديات إعاقته يومياً مصراً على إثبات أن "العمل شرف" مهما كانت الظروف وأياً كانت الإعاقات. يقول عن نفسه "فقدت في الحادث أسرتي ما عدا أختي التي تعيش في الرياض حالياً ووالدتي التي توفيت قبل أشهر"، وفقدت "مع والدي وعمتي وجدتي و 4 أخوات ساقيّ.. كان ذلك عام 1980، والحادث وقع في الكويت، ومنذ ذاك بدأت معاناة عبدالعزيز في العلاج المتواصل بين المستشفيات، "أصبتُ بشلل نصفي وبترتْ ساقاي، وعلى إثر ذلك أصبح الكرسي المتحرك هو وسيلتي في التنقل". يضيف "لم أستطع إكمال دراستي بعد إنهائي المرحلة المتوسطة وكان السبب في ذلك هو العمليات الجراحية التجميلية التي كنت أجريها من أجل ترميم بعض أجزاء من جسدي، حيث تم تنويمي في المستشفى على مدى خمس سنوات أجريت على إثره العشرات من العمليات الجراحية ولكن تعرضت في الوقت نفسه لأخطاء طبية متكررة وهي ما جعل معاناتي وآلامي تزيد". عبدالعزيز لم يستطع ترك الكويت والانتقال إلى المملكة بسبب ظروفه المادية التي لا تساعده في ذلك، فهو يتلقى مرتباً يبلغ 820 ريالا بالإضافة إلى ألف ريال بوظيفة على بند المكافآت، أي أنه يملك دخلاً شهرياً لا يتجاوز ال1820 ريالا. يكمل عبدالعزيز حديثه ويقول" استطعت تجميع مبلغ تمكنت به من شراء كرسي متحرك، حيث إنني مع تقدمي في العمر تتغير لدي حاجاتي في الكرسي المتحرك الذي تبلغ قيمته 10 آلاف ريال". وقد تعلم عبدالعزيز قيادة السيارة في مركز خاص بذوي الاحتياجات الخاصة وأصبح يعمل لساعات متواصلة.. كان يخرج من الثامنة صباحاً ويعود في الثانية ليلاً.. متعرضاً للكثير من المواقف الإيجابية والسلبية. ويقول إنه يملك مهارة في صنع أدوات يستطيع استخدامها ذوو الاحتياجات الخاصة في السيارة وهو ما فعله بنفسه، حيث صنع أداة تمكنّه من قيادة سيارته على الرغم من أنه لا يملك ساقين يسير بهما.. ويتحدث عن تجربته مع الزبائن بقوله "الكثير منهم يجدونني نموذجاً للإنسان المكافح" و قد روى ل"الوطن" دهشة رجل أميركي ركب معه وذكر له أنه لا يوجد في أميركا شخص معاق يقود سيارة تاكسي، وهو ما جعل عبدالعزيز يشعر بالامتنان والسعادة لما ذكره هذا الشخص على الرغم من حزنه لما يعانيه في هذه الحياة. لعبدالعزيز تجربتان مع الزواج لم ينجح فيهما، أما الآن فهو متزوج منذ سبع سنوات بآسيوية رضيت بحاله وكانت كما يقول قائمة بمهام الزوجة المخلصة له ولوالدته قبل وفاتها منذ بضعة أشهر. ولكنه لم يستطع الإنجاب وحاول مراراً تجربة التلقيح الاصطناعي ولكنها فشلت ولهذا يأمل عبدالعزيز مساعدته في عمل تجربة جديدة ولكنها مكلفة بالنسبة لأوضاعه المادية . ويأمل عبدالعزيز مساعدته في تحقيق حلمه بالإنجاب حيث ذكرت له الجهات الصحية في الكويت توّفر الفرص بشكل أكبر بمراكز متخصصة في الرياض وهو ما لا يستطيع فعله بسبب التكلفة المرتفعة لعمليات التقليح الاصطناعي، خاصة أنه يعاني الآن من ظلم مكاتب تأجير سيارات التاكسي التي سببت له ضرراً مادياً من خلال صاحب مكتب تعامل معه في وقت سابق، ولم يكن يراعي ظروفه الصحية الخاصة فخسر مقابل ذلك مبلغاً معيناً سبق أن قدمه لذلك الشخص حيث يقول" ألتزم الصبر الآن لعل الدنيا تبتسم لي يوماً وتفتح لي أبواب السعادة".