شهدت نهائيات كأس آسيا المقامة حالياً في العاصمة القطرية الدوحة خروج المنتخب السعودي صفر اليدين دون أن يحقق نتائج تستحق الذكر، بعد أن ودع البطولة بزمن قياسي لم يحدث طوال التاريخ الكروي السعودي في القارة منذ أول مشاركة في نهائياتها بسنغافورة عام 1984، وكان الوداع المبكر في الدوحة أسوأ وداع للكرة السعودي في هذه النهائيات، بل إنها جاءت بعد نكسة نهائيات الصين 2004. وأكثر ما يتحدث به الإعلام في الدوحة حول المبالغ الكبيرة التي يتقاضها اللاعبون السعوديون مع أنديتهم من خلال توقيع العقود الاحترافية الضخمة، والتي وصلت لأرقام فلكية لم تكن في الحسبان، بل إنها شكلت صدمة كبيرة في الوهلة الأولى لدى الشارع الرياضي. وجاءت كأس آسيا الحالية لتعطي الأرقام الحقيقية للاعب السعودي وتعلمه حجم احترافيته الحقيقة. ويدلل على ذلك عميد المدربين السعوديين خليل الزياني الذي أكد أن اللاعب السعودي يعيش مرحلة دلال بإغداق الأموال الطائلة عليه، بعد أن تسابق أعضاء الشرف ورؤساء الأندية في ذلك، مما دفع بحسب قول الزياني لصحيفة "الوطن القطرية" إلى خلق سوق من المضاربين لتتحول الكرة السعودية إلى سوق بورصة خطير. وأوضح الزياني أن السعودية تفتقد للنجوم وأصبح اللاعبون نجوما من ورق وآخر أحلامهم المادة. وأيده أحد رؤساء الأندية السعودية رفض ذكر اسمه بأنه لا يوجد لاعب سعودي يستحق أن يوقع معه بخمسة ملايين ريال، ليس لكون المنتخب السعودي خرج خالي الوفاض من البطولة وإنما هذا هو الرقم الطبيعي للاعب السعودي. ولم تكن النتائج السلبية التي جناها المنتخب السعودي في الدوحة على نفسه هي التي سببت التعاسة للجماهير السعوديين خاصة بعد خماسية اليابان بل إن جذورها امتدت إلى العمق الآسيوي، ويقول أحد سائقي سيارة الأجرة والتي تعرف ب(كروه) في قطر ويدعى علي "الحل الوحيد للكرة السعودية أن تقوم بالخصخصة، لأن اللاعبين مدللون ويريدون تحقيق المكاسب الكبيرة دون أي مجهود، ودون حسيب". وأضاف" لقد قضيت أكثر من 22 عاما بالدوحة، وأنا رياضي من الدرجة الأولى أتابع كل الأحداث الكروية لا سيما الدوري السعودي، ولكن للأسف وجدت أن الكرة فيها شيء كبير من الدلال والدلع للاعبين". وعرف الجميع الحجم الطبيعي للاعب السعودي والقيمة المالية لقيمة تعاقداتهم التي ترفع وجود السوق السوداء من خلال رفع القيمة كي تزداد نسبة العمولة للأطراف المسوقة، وفي النهاية تستنزف كثير من الطاقات المالية التي يجب أن تصرف على أوجه أخرى كدعم الفئات السنية وتدعيم الأكاديميات الكروية التي ستكون ملزمة للأندية بعد عامين. وبعيدا عن تلك الأوصاف، فإن المنتخب السعودي الحالي يعيش أسوأ لحظاته، فاللاعبون الذين دخل بهم خوزيه بيسيرو ومن بعده الجوهر، لا يمكن أن يقاموا الفوارق الجسمانية للاعبي منتخبات مجموعة المنتخب السعودي، فلاعبو الوسط في الأخضر مثلاً قصار القامة باستثناء سعود كريري، ولذا عجزوا عن إيقاف المد السوري والأردني في اللقاءين الأوليين قبل أن يدخلوا لقاء اليابان وهم بروح معنوية محبطة. ولكن، متى ما أردت الكرة السعودية العودة إلى سابق عهدها بعد أن تصحح الأمور الفنية والإدارية، فإن الأمر بات مطلبا في اختيار اللاعبين ذوي القامات الكبيرة التي تعتمد عليها الكرة الحديثة بشكل كبير، بدليل النتائج الجيدة التي حققها فريق الفيصلي بدوري زين بالرغم من فارق الإمكانات بينه وبين الفرق الكبيرة التي واجهاها في المسابقة.