أجرى القادة السياسيون المؤقتون في تونس أمس مشاورات حول الإصلاحات السياسية بعد السقوط المفاجئ للرئيس زين العابدين بن علي بعد حكم دام 23 عاما. واجتمع رئيس الوزراء المكلف محمد الغنوشي مع عدد من الشخصيات المعروفة في البلاد لمناقشة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتنظيم انتخابات بإشراف دولي. وكان رئيس مجلس النواب التونسي فؤاد المبزع بعد أن أقسم اليمين رسميا لتولي الرئاسة بالإنابة أول من أمس، قال إن "جميع التونسيين بلا استثناء" سيشاركون في العملية السياسية. بينما أعلن المجلس الدستوري أن انتخابات رئاسية ستنظم خلال شهرين. وقال رئيس حزب التكتل الديموقراطي للعمل والحريات مصطفى بن جعفر إن عددا كبيرا من الشخصيات وصلت إلى قصر الحكومة حيث تم استقبالهم كل على حدة. وأضاف أن الغنوشي اجتمع أمس مع كافة هذه الشخصيات "للتفاهم بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية والاتفاق على الشخصيات التي ستعمل لتجسيد هذه العملية للتوصل إلى تنظيم انتخابات شفافة ربما تتم بإشراف دولي". وتابع أنه سيتم تشكيل لجنتين تهتمان ب "التجاوزات وأعمال العنف" أثناء الحركة الاحتجاجية وبملف الفساد. وأكد بن جعفر أن التجمع الدستوري الديموقراطي حزب الرئيس المخلوع لن يتم إقصاؤه من هذه العملية "لتجنب زعزعة استقرار جهاز الدولة ولتفادي السيناريو العراقي". وشاركت في المرحلة الأولى من المشاورات كافة الأحزاب السياسية المعترف بها والاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومجلس عمادة المحامين. من جهته أعلن رئيس حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي من منفاه في لندن أنه يستعد للعودة إلى بلاده ومستعد للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، مشيرا إلى أن ذلك "أمر ممكن لكنه لن يكون سهلا". إلى ذلك أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف بحق علي السرياطي المدير العام السابق للأمن الرئاسي في تونس وعدد من مساعديه حين كانوا يحاولون الفرار إلى ليبيا. وقال مصدر مسؤول إن "النيابة أذنت بفتح تحقيق ضد السرياطي ومساعديه من أجل التآمر على أمن الدولة الداخلي وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي". كما أعلن مصدر أمني توقيف قيس بن علي ابن أخ الرئيس المخلوع من قبل الجيش. وفي السياق، استمر الجيش أمس في ملاحقة عناصر الحرس الشخصي للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، بعد أن اعتقل مساء أول من أمس نحو 50 منهم. في ولاية تطوان قبيل هروبهم نحو ليبيا على متن سيارات لا تحمل لوحات". وفيما أعلن مصدر رسمي عن تخفيف حظر التجول اعتبارا من أمس، فرق الجيش أمس تظاهرة سلمية في مدينة الرقاب (وسط غربي) تطالب بتغيير سياسي في تونس. ورفع نحو 1500 متظاهر في شوارع البلدة يافطات كتب عليها "الثورة لم تقم من أجل حكومة مستنسخة" و"مشاورات منقوصة تساوي ديموقراطية عرجاء". وفي العاصمة ساد الهدوء أمس بعد ليلة شهدت تحليقا لمروحيات الجيش التي استخدمت أضواءها الكاشفة بعد إنذارات بتحركات مشبوهة لسيارات يطلق ركابها النار على منازل. وبدت الشوارع الكبرى شبه مقفرة وانتشر الجيش في المناطق الحساسة من العاصمة وخصوصا مطار تونسقرطاج الدولي ومقر حزب التجمع الدستوري الديموقراطي. ولكن الحزب الديموقراطي التقدمي المعارض أعلن في بيان أن أعيرة نارية أطلقت خارج مقره في وسط العاصمة التونسية أمس. وقال البيان إن أفراد الشرطة والجيش أوقفوا شاحنة تقل مسلحين بعضهم أجانب، وبعد ذلك أطلقت الأعيرة النارية. وأضاف أن قوات الأمن طاردت المسلحين إلى مبنى سكني قريب. وحول حالة السوق، بدت الحركة قليلة والسلع شحيحة وقديمة مع ارتفاع الأسعار في السوق المركزية في العاصمة التونسية التي تعج صباح الأحد عادة بالمتسوقين بينما أزيلت صورة ضخمة للرئيس المخلوع منه وديست بالأقدام. وأمام السوق رميت يافطة عليها صورة بن علي بجانب القمامة وداس تونسيون عليها وهتف أحدهم "إلى مزبلة التاريخ".