هل ساهم المهاجرون التونسيون في إبعاد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي عن الأراضي الفرنسية؟ هذا التساؤل يطرحه العديد من الخبراء والمحللون وحتى بعض المسؤولين الفرنسيين، ويجيبون بالإيجاب. ساعات أو ربما دقائق مصيرية، قرّرت خلالها فرنسا عدم فتح أراضيها للرئيس التونسي المعزول بعد أيام من الصمت المريب من جانب رأس هرم السلطة الفرنسي. ماذا جرى وما الذي حضّ السلطات الفرنسية على اتخاذ هذا القرار؟ البعض يعزو الأمر إلى ثورة تونسية مصغّرة وموازية جرت في الشوارع الفرنسية وضغطت على قصر الأليزيه مساهمة في اتخاذ قرار إغلاق المجال الجوّي أمام طائرة بن علي الذي كان يحاول اللجوء إلى فرنسا "أو أي بلد أوروبي" آخر يستقبله. وبالفعل، فمع نبأ مغادرة بن علي البلاد، بدأت الشائعات تسري حول احتمال وصوله إلى فرنسا. وفي الوقت نفسه، توجه الآلاف من التونسيين الفرنسيين عفويا إلى مبنى السفارة الفرنسية في الدائرة السابعة من باريس للتعبير عن فرحتهم بنجاح ما بات يصطلح على تسميته ب "ثورة الياسمين". إلا أن الأنباء عن احتمال توجّه طائرة بن علي إلى فرنسا، حدت بالعديد من أبناء الجالية التونسية الذين يقدرون بنصف مليون شخص إلى التوجه كذلك إلى مطار "لو بورجيه" في ضاحية باريس، حيث سرت الشائعات عن احتمال هبوط طائرة بن علي. ووفقا للمعلومات المتداولة، والتي نشرت بعضها صحيفة لو موند، فإن طائرة أولى وصلت من تونس وحطت في مطار لو بورجيه الساعة السابعة والنصف مساء أول من أمس وعلى متنها إحدى بنات بن علي وحفيدة له، فيما توجهت طائرة أخرى إلى مدرج المطار ولكن لم يسمح لها بالهبوط. وكانت الحشود التونسية أمام السفارة أو في المطار تزغرد فرحا بنجاح الانتفاضة. في هذه الأثناء كانت قوات الأمن الفرنسية، تضع حزاما أمنيا أمام مبنى السفارة، فيما كان الرئيس الفرنسي يستدعي، إلى اجتماع طارئ في قصر الأليزيه، رئيس الوزراء فرانسوا فيون ووزير الدفاع آلان جوبيه، إضافة إلى وزيري الخارجية والداخلية وعدد قليل من المقربين للقصر. وخلال الاجتماع تم بحث مسألة اللجوء المحتمل لابن علي. ووضعت على طاولة المناقشات، الانعكاسات المحتملة على الشارع الفرنسي، للجوء محتمل للرئيس المعزول. ويبدو، وفق مصادر مطّلعة، أن قرار عدم الموافقة على استقبال بن علي، اتخذ تجنبا لإغضاب الجالية التونسية والعربية في فرنسا. وبعد الإجتماع صدر بيان عن الرئاسة أعلن أن فرنسا "أخذت علما بالانتقال الدستوري في تونس". إلا أن "مصدرا مقرّبا من الرئاسة" أطلق تصريحات أفادت بوضوح بأن فرنسا "لم تتلق أي طلب رسمي بلجوء بن علي إلى أراضيها، وأنها والحال هذه، ستنسّق مع السلطات الدستورية التونسية".