شهد مركز حمد الجاسر الثقافي أمس نقاشا حول زواج المتعة في الثقافات المختلفة، وذلك من خلال محاضرة نظمها المركز بعنوان "أنواع الزواج في الثقافات"، أدارها فريح الشمري وألقاها الأستاذ بجامعة البصرة سابقا، المستشار القانوني والمحامي الدكتور عبداللطيف الحسن، وشهدت مداخلات من الحضور. وقال الدكتور عبدالعزيز الهلالي: "ابن عبّاس رضي الله عنه المتوفى سنة 75ه كان يقول بجواز زواج المتعة، ويدافع عنه، وعبدالملك بن جريج وهو مكي وتابعي وعالم معروف كتب وصية بالنساء اللاتي تمتع بهن حتى لا يتزوجهن أحد من أبنائه"، في إشارة من الدكتور الهلالي إلى حليّة زواج المتعة. ورد المحاضر الدكتور عبداللطيف الحسن بأن "ابن عباس كان متأولا في رأيه الذي يقول بأن المتعة مارسناها في عهد الرسول وفي عهد أبي بكر، وفي شطر من عهد عمر حتى نهى عنها، شأنه شأن كثير من الصحابة". وأضاف الحسن: أن المصادر تورد أن عمر ابن عباس عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة، فكان في شبابه، لذلك تأول هذا الرأي على حد قول الحسن. وكانت المحاضرة قد تناولت أنواع الزواج عند العرب، والفرس، واليهود، وذكر الحسن أن هناك علاقة قديمة بين الفرس واليهود تبرر تشابه الزيجات في الثقافتين، مشيرا إلى أن التاريخ يكشف وجود تحالف وتقارب بين الفرس القدماء واليهود، حيث كان لليهود ممثل رسمي في البلاط الساساني يسمى رأس الجالوت. وركز الحسن في محاضرته على الزواج المؤقت عند العرب والفرس واليهود، وذكر أن علماء الاجتماع يرون سيادة نظام الأمومة في المجتمع اليهودي، والذي بمقتضاه تكون المرأة مالكة للخيمة، وتستقبل الزوج فيها وينسب الأولاد إليها، فاليهودي عندهم فقط من خرج من رحم يهودية، وأضاف: "يميل الباحثون إلى أن جميع زيجات الشعوب السامية القديمة هي من قبيل الزواج المؤقت". وعن الزواج المؤقت عند الفرس قال الحسن: إن "الدراسات التاريخية تشير إلى وجود نوعين من الزواج عند الفرس القدماء: الزواج من الزوجة الممتازة، والزواج بالخادمة". وبين أن "النوع الأخير حسب نظامهم يمكن فيه أن تُعار الزوجة لمدة محدودة إلى رجل آخر، وقد ظل هذا النوع من الزواج مطبقا حتى العصر الساساني". وأضاف الحسن: "ليس بمستبعد أن يكون لذلك أثر في ظهور المزدكية التي نادت بشيوعية النساء، والتي كانت لها آثارها في المجتمع الفارسي حتى بعد الإسلام، ومن آثارها ما ذهب إليه أكثر فقهاء الإمامية من إجازة إعارة الجارية المملوكة لشخص آخر لمدة معينة خلافا لبقية المذاهب". وذكر الحسن أن كثيرا من الباحثين يرون أن زيجات الجاهلية عند العرب أغلبها مؤقت، ومنها زواج الضيزن أو المقت، ونكاح الاستبضاع، واجتماع ما دون العشرة من الرجال على امرأة واحدة، وقال: "بل إن بعض الباحثين قالوا بأن المتعة هي من جملة هذه الزيجات". وأشار الحسن إلى أن "هناك بعض الفرضيات التي تقول بفكرة الأمومة أو الطوطمية، منها ما ورد عن تطليق زوجة حاتم الطائي له، حيث قامت بتغيير لون باب الخيمة التي كانت تملكها، وهذه إشارة إلى الطلاق، فلما عاد حاتم الطائي، ووجد باب الخيمة قد تغير لونه رحل عن خيمة زوجته، بعد أن طلقته"، واستدرك الباحث بأن هذه مجرد افتراضات ليست ثابتة بالضرورة". وتحدث الحسن عن زواج المتعة في الإسلام، وذكر أن "بعض الأحاديث النبوية تشير إلى إباحة زواج المتعة في بعض الغزوات، كما تشير هذه الأحاديث إلى تحريمه في نفس الوقت"، مشيرا إلى أن قلة من الصحابة والتابعين استندوا في تحليل زواج المتعة على الآية الكريمة: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن". واستطرد الحسن قائلا: "قال البعض بأن الآية منسوخة، مضيفا: أن المذاهب الإسلامية استقرت على تحريمه عدا الشيعة الإمامية الذين تفردوا بحليته دون بقية مذاهب الشيعة من زيدية وإسماعيلية، وأفردوا له أبحاثا مستقلة في كتبهم". وأوضح أن كثيرا من الدراسات تشير إلى وجود الزواج المؤقت في العصر الحديث في عدد من الثقافات مثل اليابان والإسكيمو وبوليفيا وفي الحبشة وأسكتلندا وفي أميركا موجود هذا الزواج عند الكماليين في مدينة أونيدا التابعة لنيويورك.