سارة المالكي تزخر منطقة جازان الجزء الغالي والمهم من هذا الوطن الكبير بالكثير من المواقع الأثرية التي تعتبر إرثًا عظيمًا ومهمًا، تعود إلى حقب تاريخية عريقة. وضمن جغرافية هذه المنطقة تقع محافظة الداير ذات القلاع والحصون المتناثرة على قمم وسفوح جبالها، بطراز معماري فريد وأشكال هندسية متميزة، ورصدت دراسة أن محافظة الداير تحوي أكبر تجمع للحصون بالعالم، ما يمنحها فرصة في تصنيفها وتوثيقها ضمن التراث العالمي قريباً. هذا الإرث يعتبر ثروة عظيمة تضاف لما تتمتع به الداير من مقومات تجعل منها رافدا اقتصاديا مهما لأبناء المحافظة وللوطن، إذا تم استثمار ذلك بالشكل الصحيح بما يتناسب مع التوجهات والسياسات الاستثمارية في هذا المجال، وتتميز محافظة الداير وتتفرد بأنها أكبر منتج للبن، وأكبر تجمع للحصون بالعالم، إضافة للأجواء المعتدلة صيفا وشتاء، وطبيعتها الخلابة والمتنوعة. يعد الاستثمار في البن تجربة رائدة من خلال توظيف الجوانب السياحية، لتسويق المنتج، مما يجمع بين جمال الطبيعة وتجربة الاستثمار، وقد وضع البن خطوطه الأولى كرافد اقتصادي مهم، لكننا نطمح بأن يسير بخطى ثابتة وهذا يُبقي الأمل متوقدًا في النفوس. أما إذا اتجهنا صوب الآثار المتمثلة بتلك الحصون الشامخة لمئات السنين على قمم جبال بني مالك، فإننا نتساءل متى يتم الالتفات لها، بدلاً من تركها لعوامل الزمن تعبث بها عامًا بعد عام!، ونحن متفائلون جدًا برؤية 2030، والتي من ضمن أهدافها المتعددة إحياء المواقع الأثرية بكل بقعة بالوطن وتسهيل الوصول إليها. محافظة مثل الداير ذات جبال تتميز بالوعورة وتحتاج إلى تسهيل الوصول إلى تلك الآثار حتى تكون مصدر جذب كغيرها، فهي تحتاج إلى تمهيد الطرق وترميم هذه المواقع الأثرية. وهنا دور هيئة السياحة والآثار مهم جدًا في هذا الجانب، ولا نغفل عن الأدوار التي يجب أن تقوم بها الجهات الخدمية الأخرى في تهيئة بنية تحتية جاذبة للاستثمار. ولو تأملنا ما قام به الأجداد وبإمكانيات بدائية بسيطة، حيث ذللوا تلك الجبال واستوطنوها وبنوا على قممها أعظم الحصون، منها ما هو لحمايتهم ومنها ما هو لمعيشتهم، وجعلوا من صخورها الصلبة أراضي زراعية خصبة، ونفكر كيف استطاعوا عمل كل هذا رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بهم آنذاك، ولو نتساءل ماذا ينقصنا اليوم لكي ننجح في تذليل أي صعاب موجودة الآن؟ لوجدنا أنه فقط ينقصنا إرادة وعزيمة الأجداد وإيمانهم بقيمة المكان، وكذلك تكاتف الجهود للنهوض بأي عمل.