في وقت تجسد التقارب السعودي العراقي، بتشكيل مجلس تنسيقي بين البلدين في أكتوبر عام 2017، لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، فضلا عن استعداد المملكة العربية السعودية للمشاركة في إعادة إعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش، وتنفيذ مشاريع استثمارية في القطاعات الزراعية والصناعية والنقل وتأهيل المنافذ الحدودية لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، أبدت جهات عراقية موالية لإيران، عدم ارتياحها لانفتاح العراق على محيطه العربي خاصة مع الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية. ومع ترحيب معظم القوى السياسية بتحقيق مزيد من التقارب بين بغداد والرياض وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، تعمدت تلك الجهات عرقلة تنفيذ مشاريع استثمارية أعلنت شركات سعودية استعدادها لتنفيذها في محافظة المثنى، باستصلاح مساحات واسعة من الأراضي لتطوير القطاع الزراعي وتوافر فرص العمل لآلاف العاطلين. استعادة العراق مكانته كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قد أكد خلال استقباله لرئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بالرياض في وقت سابق، على دعم المملكة للعراق آملا في استعادته لمكانته في المنطقة بعد تحقيقه النصر العسكري على تنظيم داعش، فيما أعلنت الدائرة الإعلامية في مجلس النواب «أن الحلبوسي أبدى رغبة بغداد في أن يكون للدول الشقيقة دور في ملف إعادة الإعمار، سيما السعودية بما تمتلكه من مقدّرات وخبرات ستسهم في إعادة تأهيل العديد من المدن التي تضررت بفعل الإرهاب، أو تلك التي تفتقر للخدمات والبنى التحتية». وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبدالزهرة الهنداوي ل«الوطن»، إن المملكة قامت بتأهيل منفذي عرعر وجميمة الحدوديين لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، فضلا عن رغبتها في ربط ميناء الدمام بام قصر في البصرة وتطوير قطاع النقل، واستعداد شركات ورجال أعمال سعوديين لإعادة إعمار المدن المحررة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، مضيفا أن الحكومة كلفت وزير التجارة بتولي رئاسة المجالس التنسيقية من الجانب العراقي لمتابعة تنفيذ برامجها خلال المرحلة المقبلة.
تطوير العلاقات العربية شددت جمعية الصداقة العراقية السعودية، التي تضم عددا من أعضاء مجلس النواب لتعزيز العلاقات بين البلدين، على أن العراق يحتاج في ظرفه الراهن إلى تطوير علاقاته مع الدول العربية وخاصة مع المملكة لما تمتلكه من حضور دولي وإقليمي فضلا عن مكانتها الدينية والاقتصادية، وقال رئيس اللجنة النائب السابق حسن شويرد ل«الوطن»، إن الهدف من تشكيل الجمعية هو تعزيز التعاون بين البلدين ودعم الإجراءات الرسمية بإبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات كافة، فضلا عن تقريب المواقف ووجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية والمستجدات السياسية لضمان استقرار أمن المنطقة، معربا عن اعتقاده بأن الحكومة العراقية: «بحاجة إلى الدعم السياسي من القوى الممثلة في البرلمان والمشاركة في السلطة التنفيذية لاتخاذ مزيد من الخطوات في إطار التقارب العراقي السعودي».
المالكي وتضليل الرأي العام وحسب مراقبين فقد اعتاد سياسيون عراقيون موالون لإيران، من أبرزهم أمين عام حزب الدعوة الإسلامية زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، إطلاق تصريحات ضد السعودية، في محاولة لتضليل الرأي العام، وكسب دعم إيران لتحقيق أهداف حزبية. وقال المحلل السياسي علي كريم ل«الوطن»، إن زعماء القوى السياسية المرتبطة بإيران «لطالما أطلقوا تصريحات ضد المملكة لإثبات ولائهم لإيران متجاهلين مصالح بلدهم وشعبهم، مضيفا أن تصريحات هؤلاء السياسيين جعلت الميليشيات المسلحة تلوح بتهديد دول الجوار، مما جعل الحكومة تقع في حرج شديد وتضطر إلى إصدار بيانات تؤكد فيها رفضها استخدام الأراضي العراقية منطلقا لشن اعتداءات على دول الجوار العربي. وأكد كريم وقوف قوى سياسية ترتبط بإيران وراء عرقلة تحقيق التقارب العراقي السعودي رغم وجود نص في المنهاج الوزاري يشير إلى أهمية الانفتاح وانتهاج سياسة خارجية مع المحيط العربي تخدم مصالح شعوب المنطقة. أضرار اقتصادية دعا خبراء اقتصاديون الحكومة إلى تفعيل عمل لجان المجلس التنسيقي العراقي السعودي بمنح شركات المملكة عقود الاستثمار في المدن المحررة، وقال عضو اتحاد رجال الأعمال العراقيين عباس عبدالحسين ل«الوطن»، إن الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبدالمهدي قادرة على منح عقود إعادة البنية التحتية في المدن المحررة إلى شركات سعودية في إطار تنفيذ توصيات المجالس التنسيقية بين البلدين. وأضاف أن المملكة أبدت استعدادها لتنفيذ المشاريع بأسلوب الدفع بالآجل، وهو عرض لم تقدمه دول أخرى، معربا عن استغرابه من تباطؤ الحكومة من منح الشركات السعودية عقود تنفيذ المشاريع، ويبدو هناك ضغوط سياسية على الحكومة تعرقل البدء بإعمار المدن المحررة. تدخلات طهران أكد الخبير الاقتصادي عبدالله الجنابي ل«الوطن» سعي العديد من القوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية إلى خرق الحظر الاقتصادي على إيران، وقال «إن التدخل الإيراني في الشأن العراقي بعد عام 2003 ألقى بتداعياته على الأوضاع الاقتصادية بالقضاء على الصناعة الوطنية وإغراق السوق ببضائع إيرانية». وأوضح الجنابي أن سيطرة الميليشيات على المنافذ الحدودية الشرقية للعراق سيسهل دخول البضائع وبكميات كبيرة على الرغم من إعلان الحكومة منع استيرادها تشجيعا للمنتج المحلي، لافتا إلى أهمية الحد من التدخل الإيراني من خلال التعامل مع الدول العربية وفي مقدمتها السعودية لوجود المجالس التنسيقية بين البلدين، داعيا الحكومة إلى التعاطي بمهنية وحيادية في منح العقود الاستثمارية لشركات الدول التي أبدت استعدادها لمساعدة العراق والنهوض باقتصاده. يذكر أن العراق يعاني أزمة اقتصادية ورثها من سنوات سابقة نتيجة انخفاض أسعار النفط بالأسواق العالمية، وقدرت وزارة التخطيط حاجة الحكومة إلى أكثر من 100 مليار دولار لإعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش.
أبرز مظاهر التقارب السعودي العراقي تأكيد خادم الحرمين على أمله في استعادة العراق مكانته بالمنطقة تشكيل مجلس تنسيقي بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني استعداد السعودية للمشاركة في إعادة إعمار المدن المدمرة بالعراق قيام المملكة بتأهيل منفذي عرعر وجميمة الحدوديين ترحيب معظم القوى العراقية بتحقيق مزيد من التقارب بين البلدين
أسباب محاولات ضرب العلاقات استمرار معاناة العراق وعدم عودته إلى محيطه العربي تكريس النفوذ الإيراني عبر الميليشيات المسلحة استغلال السوق العراقي في ظل أزمة إيران الاقتصادية مخطط إيران في استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة دول الجوار تغييب الدور السعودي في عمليات إعادة الإعمار