كشف استشاري الطب النفسي الإكلينيكي بعيادات النخبة بالرياض الدكتور وليد الزهراني عن مدى تأثر حالات مصابة بأمراض نفسية، وازدياد أوضاعهم سوءا بعد "نظام ساهر"، مشيرا إلى أن مرضى اكتئاب وقلق ووسواس قهري زادت لديهم الأعراض المرضية من خوف وإحباط أو وسوسة وتوهم بعد تطبيق نظام ساهر. وعن النماذج التي زارته في العيادة بهذا الخصوص قال الدكتور الزهراني إن موظفا مرتبه 3500 ريال متزوجا ولديه أطفال، فوجئ بعد فترة من تطبيق نظام ساهر أن عليه مخالفات بقيمة 3 آلاف ريال، فاضطر لدفعها، ولم يتبق من مرتبه إلا 500 ريال، مما جعله يشعر بضيق الحال، وعدم القدرة على الإنفاق على أسرته، وهو مصاب من قبل باكتئاب كادت تخف أعراضه، إلا أنه عاد للعيادة النفسية مشتكيا من عودة الأعراض له من خوف وتشاؤم وإحباط ونظرة مأساوية للحياة لهذا السبب. وأضاف أن "من الحالات التي زارت عيادته أيضا شخصا مصابا بقلق وتوهم، وشخصيته في الأساس شخصية قلقة تسعى للمثالية، فيما أضحى يتخوف عند مروره من أي شارع من إضاءة نور كاميرا "ساهر" بسببه، وأصبح يدوس على فرامل السيارة كلما اقترب من سيارة أمامه خوفا من المخالفة، فيما زاد لديه التوهم من وجود الكاميرا في أماكن لا يتوقعها، مما ضاعف لديه القلق وعدم السيطرة على الذات". ومن الحالات المؤلمة أيضا وفقا للدكتور الزهراني "حالة انفصال بين زوجين تمت بسبب هذا النظام أيضا، وكانت من أكثر الحالات إيلاما، إذ كان يضطر الزوج للذهاب بزوجته من الرياض إلى الخرج يوميا لعملها هناك، واكتشف بنهاية الشهر أنه حصد مخالفات بقيمة عالية جدا بسبب السرعة، فأضحى يلقي باللوم على زوجته إن تأخرت، لأنها السبب في تجاوزه السرعة المحددة للطريق، كما اختلف معها بعد أن حاول إجبارها على دفع قيمة هذه المخالفات ورفضت فطلقها بعد أن ساءت الأوضاع بينهما". ولفت استشاري الطب النفسي إلى أن الكثير من الحالات المصابة أيضا بتشتت في الانتباه ازداد لديهم هذا التشتت، لعدم معرفتهم بأماكن وجود كاميرا ساهر، بالإضافة إلى عدم تحديد الأنظمة الخاصة به، فمنهم من يقود بسرعة 80 كلم في طريق ما، ويفاجأ بأنه حصل على مخالفة، لأن السرعة المسموح بها في هذا الطريق 70 كلم مثلا، فيصاب بالتشتت، لأنه لم يجد قائمة أو لوحة تدله على نظام هذا الطريق، فضلا عن الحالات المصابة بوساوس قهرية، والتي ازدادت لديها هذه الوساوس بسببه، حيث يذكر أحدهم أنه أصبح يتصل يوميا على هاتف المخالفات ليتأكد من عدم وجود مخالفات عليه حتى لو لم يخرج في ذلك اليوم. وأشار الدكتور الزهراني إلى أن "الحالات السيكوباتية وهي المضادة لأخلاقيات المجتمع تتأثر بهذا النظام بصورة كبيرة، حيث يتعزز لديهم حب الانتقام، فنجد منهم من يقوم بمحاولة تعطيل النظام، أو كسر الكاميرا في الشارع، إلى جانب شعور البعض بعدم الأمان، وأنهم مستغلون ماديا مما يشكل لديهم نظرة سلبية للأمور". وفيما يتعلق بأسباب تأثر الناس نفسيا بذلك بين الدكتور الزهراني أن "التعب الاقتصادي الذي يسود شريحة كبيرة من المجتمع هو السبب الأول في عدم تقبلهم النفسي لنظام ساهر، إلى جانب أن الشعب غير متعود على النظام القسري واحترامه، مما جعل هذا النظام يشكل لديهم حالة رعب وأمرا جبريا، بالإضافة إلى النظرة السلبية تجاهه من كونه نوعا من الاستغلال المادي، كون الدفع يكون قبل الاعتراض على المخالفة، وبالتالي عدم تقبلهم النفسي له". وعن الحل للحد من ازدياد الحالات النفسية سوءا بسبب هذا النظام لفت الدكتور الزهراني إلى "ضرورة أن يتم تعويد المجتمع على النظام قبل فرضه، وذلك بتدرج تطبيقه بحيث يطبق 3 أو 4 أشهر بدون مخالفات مادية، حتى يتم التعود التدريجي على وجوده، ويتم خلال هذه الفترة إرسال رسائل بالجوال مثلا عن أنظمته، وأماكن تواجده، والسرعات المحددة له في كل الشوارع، وعدم التفاجؤ بقيمة المخالفات، كما يجب عدم إشعار أفراد المجتمع بعدم الأمان أو بأنهم مستغلون ماديا من خلال مضاعفة المخالفة، وضرورة فرض مخالفات معقولة يتحملها المواطن".