أطلقت مؤسستا «جائزة الملك فيصل» بالرياض، و»معهد العالم العربي» في باريس، ممثلا في «كرسي المعهد»، مشروعا للتعريف ب100 عالم وباحث، من العرب والفرنسيين، ساهموا في تقديم إحدى الثقافتين للأخرى، تحت عنوان «مائة كتاب وكتاب». وينشر المشروع كتبا عن باحثين ومثقفين، عرب وفرنسيين، بذلوا جهودهم لتعزيز مختلف أشكال الحوار الجاد والتفاعل الخلاق بين ضفتي المتوسط خلال القرنين الماضيين، وبفضل منجزاتهم الاستثنائية استحقوا الاحتفاء بهم، والكتابة عنهم، من أجل تخليد ذكراهم، والتعريف بهم لدى الأجيال التالية. تم اختيار 60 شخصية عربية، و40 شخصية فرنسية، بعمل مهني متصل، بذلته لجنة علمية مشتركة على مدار أشهر. حرصت اللجنة أن تكون الأسماء المختارة ممثلة، قدر الممكن، لمختلف الفترات التاريخية، والتخصصات المعرفية، والتوجهات الفكرية والإبداعية. ووجهت المؤسستان الشكر الأوفر لرئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، الأمير خالد الفيصل، ورئيس المعهد جاك لانغ، لدعمهما ومتابعتهما للمشروع. كتاب يسطر الشاعر والباحث الهواري غزالي الذي أصدر أعمالا مختلفة بين الترجمة والنقد والتحقيق كتابا عن دونيز ماسون، ويقول في مقدمته: تكاد تكون ماسون مجهولة إلى حد كبير في الوسط الثقافي العربي والفرنسي على السواء. فعلى الرغم من جهودها الجبارة في التعريف بالإسلام في أوروبا، وفي ترجمة القرآن إلى اللُّغة الفرنسية، وفي الإشادة في بحوثها بالمجتمعات المغاربية، فإننا لا نعثر على دراسات قدمت أو أُلِّفت تُنْصِفها من إجحاف العادلين عنها أو تمنحها من التَّقدير ما منحته هي من تعظيم واسع واحترام كبير في كتاباتها للدِّيانات التَّوحيديَّة الثَّلاث. لم تكن ماسون كاتبةً بالمفهوم الاستشراقي، ولا مناضلة مسيحيَّةً تدافع عن ثوابت دينها، بل كانت، تبحث عن الإنسانيَّة. عاشت في المغرب الأقصى على أمل أن تعيد اكتشاف نفسها، في علاقتها مع الإسلام، واللغة العربية، والدَّارجة المغربيَّة، وأفنت عمرها في تمحُّص الثَّقافة الإسلاميَّة، درست العربيَّة وتعمَّقت في النّص القرآني حتَّى توحَّد القرآن لديها في شكل جعلَ ترجمتَها له من أحسن التَّرجمات. عاشت بالمغرب أكثر من 65 عاما، قرأت فيها لكتَّاب متعددين كالأمير عبدالقادر الجزائري، وأبي زيد القيرواني، وإيفا دي ميتري مايروفيتش، وجلال الدين الرُّومي، والخطيبي، والرِّوائي إدريس الشرايبي، وغيرهم. واقتبرت كثيرا من الإسلام، وترجمت القرآن من الباطن كما عبَّرت عن ذلك، وصارت بفضل دراساتها المقارنة بين الأديان التَّوحيديَّة جسرا بين المسلمين والمسيحيين، بين شمالي إفريقيا وأوروبا، وبين الشرق والغرب. حياة دونيز ماسون 1- ولادة على جناح الفنِّ بين الرَّسم والموسيقى 1901-1912: وُلِدتْ دونيز ماسون - وحيدةَ والديها وأسيرةَ شغفهما بالفنون - في باريس 5 أغسطس 1901 لأب يُدعى موريس ماسون، وهو محام ولد سنة 1873 شمال فرنسا وتوفي بمراكش سنة 1947. أنهى أبوها دراساته بنيله شهادة الدكتوراه في القانون، لكنه كان مهووسا بالفن التَّشكيلي. أمَّا أمُّها التي كانت عازفة بيانو ماهرة جدًّا لموسيقيين كبار. الانتقال إلى الجزائر في العاشرة من عمرها، انتقلت بصحبة أبويها عام 1912 إلى الجزائر للإقامة هناك، وتفتَّحت قريحتها الأدبيَّة على سكون جبال الأطلس، وعاشت بينها (على فترات متقطِّعة) ما يقارب الثَّماني سنوات. لم تناهز دونيز بعد ال24 عاماً حتى صُدمت بطلاق والديها، وظلت الصدمة ناراً في دواخلها، فجربت حياةَ الدِّير، بيد أنَّها لم تلبث حتَّى تحوَّلت إلى مجال التَّمريض. في رحلتها إلى تونس، خاضت أولى تجاربها في قطاع التَّمريض عام 1927 بمستشفى «المبشِّرات الفرونسيسكانيَّات بماري» اللَّواتي نصحنها بالذَّهاب إلى الرِّباط لجسِّ النَّبض هناك، ارتسمت آخر ملامح تلاحمها بالإسلام وإفريقيا، وانقطع بها الشُّكُ إلى يقين. لم تقم دونيز طويلا بالرِّباط، فلقد تمَّ تعيينها سنة 1930 مديرة للمصالح الاستشفائيَّة لمعالجة داء السُّل بالمدينة القديمة لمراكش. ونظراً للظروف المهنيَّة الصَّعبة انسحبت من حياتها المهنيَّة كممرِّضة نهائيًّا، وانقطعت بفضل ثراء عائلتها إلى عالم الدِّراسة والبحث في موضوع المفارقات بين الدِّيانات التَّوحيديَّة الثَّلاث وتقاطعاتها. دراسة العربيَّة قرَّرت دونيز دراسة اللغة العربية بتسجيلها بمعهد الدراسات العليا المغربية بالرِّباط. وتعلمت اللهجة المغربيَّة، ونالت بعد 3 سنوات، شهادةً في العربيَّة الفصحى، وهي شهادة أجبرتها على تعلَّم النَّحو العربي القديم. لقد استطاعت في آخر المطاف أن تقدِّم لأولئك الذين لا يمتلكون ناصية العربية، مفردات وجملاً تنطوي على مفاتيحَ من شأنها بناء جسور وتعبيد سبُلٍ للتَّضامن. إنَّ عربيتها ليست بالعربيَّة الأكاديميَّة التي لا بدَّ أن يستقيم نحوُها في ذهن الطَّالب قبل أن يتعلَّم الكلام بها، وإنَّما في العربيَّة روحٌ التقطتها دونيز من خلال حواراتها مع البسطاء والفقراء جعلتها تصل إلى النَّص القرآني بالعمق الذي يناضلُ الوحيُ من أجله مدافعاً عن قيم المساواة والعدالة. الاستقرار بدرب زمران استقرَّت ماسون بشكلٍ نهائيٍّ بدرب زمران بمراكش عام 1938، في بيتٍ تقليديٍّ يسمَّى ب»الرِّياض»، سمح لها فيما بعد بممارسة العزلة التَّأمليَّة داخل وسط عامرٍ بالسُّكان المسلمين. كان هذا الرياض ملكا لرجلٍ حافظٍ للقرآن اسمُه الحفظي، وبقي البيت حاملا لهذا الاسم: رياض الحفظي. يتداخل كل شيء لدى ماسون: القرآن بالعمران، الإسلام بالمجتمع، أوروبا بالموحِّدين، المكان بالأزمنة الغابرة، الوجود بالموسيقى والبصيرة بالرَّسم. وباء التِّيفوئيد مثَّل وباء التيفوئيد أقسى التَّجارب التِّي مرَّت بها المؤلِّفة وهي بين أحضان المسلمين. عندما نزل بمراكش الوباء. وبعد تعافيها، انتقلت دونيز بفضل أمِّها إلى فندق المامونيَّة، لقضاء فترة النَّقاهة المطلوبة وتماثلا للشِّفاء، ثمَّ ما لبثت أن تحوَّلت بعدها مباشرة إلى بيتها الجديد برياض الحفظي. ولعلَّ أكبر ما ساورها من انتكاسات مهنية وهي بالمغرب فشل مشروعها في تكوين مُعينات اجتماعيَّات لشمال إفريقيا. فكثيرا ما كانت تشكو في رسائلها من تلك الخيبة التي ألمت بها جرَّاء توقُّفِها الإجباري عنه. ففي عام 1940، أطلقت دونيز مشروع تكوين نساء يعملن ضمن المجال الاجتماعي لمساعدة العائلات المسلمة، والنِّساء على وجه الخصوص. كان هذا المشروع يقضي بتأسيس مركز للتَّدريب يتم فيه تكوين مُعينات اجتماعيَّات على أصعدة مختلفة: إسلامية، قانونيَّة، اجتماعيَّة. ولأنَّ هذا المشروع الطَّليعي لم يلق ترحيبا من قبل سلطات فرنسا الاستعماريَّة خوفاً من أن يُسهم في تحريرٍ سريع للنِّساء المسلمات، فإنَّ دونيز ماسون قرَّرت العودة إلى عالم الدراسة. كانت تسمِّي خيبتها بالجرح، لأنَّها اشتغلت دون أن تكلَّ رغبةً منها في تطوير المجتمع المغاربي. والمشروع في مجمله كان يخصُّ البلدان الثلاث للمغرب الكبير. دونيز والاستعمار لم تُعِرْ دونيز بالاً للسيَّاسة أو اهتماماً بها، بل السيَّاسة هي التي كانت تعبر حياتها إذْ لَمْ يكن لها من ذلك مناصٌ. فلقد ساندت ماسون الحركة الوطنيَّة الاستقلالية للمغرب، وقدَّمت يد المساعدة لأعضائها باستقبالها لهم في بيتها؛ مسديةً لهم نصائح، ومقدِّمةً لهم الرأي والمشورة، لكنها بقيت على الدَّوام حذرة جدًا بشأن وضعهم ومتكتِّمة، إذ لم يحدث وأن باحت باسم من أسماء من كان يزورها من الوطنيّين لأنَّه لم يكن آنذاك مسموحا لهم بممارسة نشاطهم السيَّاسي. لقد كَبُر معها هذا الانتماء الكبير إلى الانسانيَّة حتى صار قضيَّة تدافع عنها، ليس في المغرب فحسب؛ وإنَّما أيضا في شمال إفريقيا وفي العالم. عرض موضوعي لكتبها اهتمَّت دونيز ماسون بالدراسات المقارنة للدِّيانات الثلاث معتمدة بالأساس على النُّصوص المقدَّسة. وأصدرت فضلا عن ترجمتها للقرآن التي نشرت سنة 1967 مؤلَّفاتٍ عدَّةً من بينها: «القرآن والتنزيل اليهودي - المسيحي» 1958؛ «التَّوحيد القرآني والتوحيد الإنجيلي» 1976؛ ترجمة معاني القرآن الكريم 1980؛ «سبلُ الله الثلاث «1983؛ «الماء، والنَّار، والنُّور، وفق الانجيل والقرآن والسُّنن التوحيديَّة» 1986؛ «باب مفتوح على حديقة مقفلة: القيم الجوهرية والتقليدية لمجتمع في قلب التَّطور، مراكش 1939-1989»، وهو عبارة عن سيرة ذاتيم 1989. كما كتبت مقالات. القرآن والوحي اليهودي-المسيحي حاولت الكاتبة في هذا الكتاب أن تشرح القرآن في ضوء الإيمان المسيحي الكاثوليكي، بغية الخروج بنتيجة عن العلاقات الموجودة بين الإسلام واليهوديَّة والمسيحيَّة؛ حيث تبنَّت منهج المقارنة بينها متطرِّقةً إلى الذَّات الإلهية من خلال الأسماء الحسنى، إلى موضوع الخلق، الطبيعة، طرق الوحي وإلى موضوع واجبات الإنسان نحو الله. التَّوحيد القرآني والتوحيد الإنجيلي تطرَّقت في الكتاب الأول إلى فصل «الله»، إلى مسألة أسمائه الحسنى، ثمَّ إلى فصل التَّثليث، كما تناولت في كتاب الخلق فصل الكونيَّة، وفصل الملائكة، وفصل الجنِّ والشَّياطين، وفصل الطبيعة البشريَّة، وفصل المسيح الإنسان الكامل. أما في الكتاب الثَّالث، فقد تناولت فصل الوحي الدِّيني التَّوحيدي، وفصل الانبياء. ثم جاء الكتاب الرابع في جزءين: جزء يحمل عنوان القرآن كأساس أوَّليٍّ في تشريع العبادات، ويتناول فصلَ العبادات وما يجب على الأمَّة نحو الله: كالصلاة، والزكاة، والحج، والأعياد، ثمَّ فصلُ خاص بالمسلمين وما يترتَّبُ عليهم من فروض خاصَّة بهم. أمَّا الجزء الثَّاني فتناولت فيه القرآن كأساس أوَّليٍّ في تشريع السلوك الانساني. وأمَّا الكتاب الخامس والأخير فيتعلق بموضوع الإيمان بالآخرة، لاسيما بموضوع السَّاعة، والقيامة، والبعث، والنُّشور، والكتاب، والشُّهود، والحساب، ثمَّ بموضوع الغبطة الأخيرة وفق اعتقاد المسيحيِّين. سبلُ الله الثلاث أمَّا كتاب «سبلُ الله الثلاث» الذي نُشِر سنة 1983، فقد تناولت فيه صاحبته خمسة عناصر أساسية للدين الإسلامي وهي: أسماء الله الحسنى، والوحي والأنبياء، وقواعد الإسلام الست، واجبات المسلم، والبعث والنُّشور. باب مفتوح على حديقة مقفلة قسَّمت الكاتبة هذا الكتاب إلى قسمين: قسم خاصٌّ بالإطار السياسي الذي عاشت فيه، وقسمٌ خاصٌّ بالحياة الاجتماعية التي خاضتها.
ترجمة القرآن من بين أهمِّ منجزات دونيز ماسون وأطروحاتها المتميِّزة ترجمتها للقرآن الكريم 1967. وهي ترجمة قامت بإعدادها لفترة انسحبت على قرابة الثلاثين سنة. ولقد نال هذا المنجزُ إعجاب كثيرين من العرب والمستشرقين ف»على الرغم من كونها استندت بقوة على ترجمات سابقة كتلك التي أنجزها ريجيس بلاشير، إلا أنها أنجزت النص الفرنسي الأكثر سهولة من حيث القراءة، وتظل ترجمتها الى يومنا هذا الأكثر مبيعا والأكثر إقبالا، بالنظر إلى أسلوبها السلس والمتقن، وجودتها الأدبية العالية».
مفهوم الجمال بالنّصوص القرآنيَّة لقد وصلت إلينا لغة القرآن من خلال النَّص، وهي لغة عربيَّة مبينة تنطوي على جمالٍ جذَّاب. سنتناول مختلف الحالات التي يظهر من خلالها الجمال في القرآن، بالمفهوم الرُّوحي أوَّلا وقبل كلِّ شيء، يؤكِّدُ النَّص أنَّ منية المؤمن الذي يريد وجه الله العلي ستتحقَّق بكاملها في الحياة الأخرويَّة.غالبا ما يتمُّ تناول جمال الخلق في القرآن من خلال العناصر الأكثر بساطة للحياة الدنيا اليوميَّة. كلُّ الذَّوات والأشياء هي بشكلٍ عام «إشاراتٌ من الله»، إشاراتٌ تدلُّ على خيره، على رحمته، على قدرته على كلِّ شيء، إنَّه «ملك الكون»، «ملك السماوات والأرض» (والقرآن يعود دوما إلى هذا المبدأ الأساسي جدًّا).قورن الرسول محمَّد (ص) بضوءٍ برَّاق، وانطلاقا من القرآن دائماً، فإن الرُّوح الذي بعثه الله ليبشِّر مريم بمولودها إنَّما تجلَّى لها في شكل رجلٍ كاملٍ، كما يتجلَّى أيضا النَّبيُّ يوسف بن يعقوب جميلا في عيون النِّساء، في سورة النَّمل، يظهر جمال العمران بوضوح، فلكثرة ما كان الزُّجاج الممرَّد شفَّافا، خُيِّل لملكة سبأ كما لو أنَّها تسير فوق الماء. تشير هذه النُّصوص كلُّها إلى فكرة الجمال والانسجام الذي يتبيَّن في شكل الخلق. دوافع الترجمة إنَّ أقلَّ ما يقال عن مشروع إعادة ترجمة عملٍ أو كتابٍ أن يكون المترجم غير راضٍ عن عملِ أسلافه، أو غير مقتنعٍ بها. ولعلَّ ترجمة دونيز للنَّص القرآني إنَّما هي أيضاً بحثٌ عن الارتقاء بالنَّص الدِّيني المثالي إلى ترجمة تكون على قدر مثاليته لغَةً وروحاً. نتبيَّن هذا الموقف من خلال انتقادها للتَّرجمات الفرنسيَّة للنُّصوص اللاتينيَّة. ولم تكن الترجمة لدى دونيز غايةً في ذاتها، وإنَّما وسيلة من بين الوسائل التي تساعدها على فهم الإسلام والقرآن معاً، فهي ليست خياراً، بل فرضت نفسها في إطار تقريبها بين الدِّيانات الثلاث. مشكلة اسم المترجمة ثارت ثائرة الذِّهنيَّة الذكوريَّة لبعض المستشرقين إزاء طريقة نشرها لاسمها ككاتبة. حيث وضعت دونيز ماسون على لوحة الغلاف الأوَّل من كتابها ترجمة القرآن لقبَها كاملا واكتفت من اسمها دونيز بحرف «دال» فقط. أعاب ريجيس بلاشير عليها ذلك متَّهمًا إيَّاها بأنَّها كانت تريد تقمُّص ثوب الرِّجال الذين يعود إليهم الفضل غالبا في ترجمة القرآن. بعض قرّاء صحيفة لوموند كانوا يتحدثون عن د. ماسون على أنَّها رجل، لكن دونيز لم تكن تستاء لذلك كثيراً بل على العكس تماماً. وسبب اعتقاد القرَّاء في ذكوريَّة المترجمة لا يعود في الواقع إلاَّ إلى الثقافة الشَّرقيَّة التي تجعل من القرآن صوتا - في رأيهم- لا يكون إلا ذكوريَّا. ولا نفهم سبب هذا التَّحامل ولا نعي على من تمادى المستشرقون فيه: أهو على مترجمة القرآن، أم على القرآن المترجمِ نفسه، أم على المؤسَّسات الدَّاعمة للتَّرجمة؟ خصوصية القرآن لدى الإسلام أكثر من مليار مسلم، يصلُ بينهم، رابطٌ غير مشروط بالأمَّة، بجماعة المؤمنين وبتقاليدهم الملزمة والدَّاعية إلى الاحترام. بالإضافة إلى هذا التَّفاني في الممارسات التي يفرضها الإسلام، يمكننا أن نُعجب بصبر المؤمنين على الشَّدائد، على حالات الفقر والمعاناة والموت. إنَّهم يُسلِمون أنفسَهم جميعاً لإرادة الله.كثيرا ما نتحدَّث عن «الحوارات الإسلامية المسيحيَّة». لكن، كيف يمكن للإسلام كمؤسَّسة أن تتحاور مع «أشخاص»؟ وبصيغة أخرى: «ألا يكون الحوار بين الكنائس (الهيئات المؤسسة) والمسلمين» منطقيًّا أكثر؟ الحوار بين المؤمنين المسلمين والمسيحيِّين الصَّادقين ليس ممكنًا فحسب، وإنَّما يمكن أن يكون مثمرًا أيضًا.