تشهد صناديق المحاسبة في الكثير من المطاعم "عراكا وديّا" بين بعض مرتاديها الذين ما زالوا متمسكين بعادات وتقاليد تقضي بدفع فاتورة الحساب عن معارفهم الذين يأتون لاحقاً للمطعم كنوع من الكرم والضيافة، وهي عادة قديمة لدى بعض العوائل والقبائل السعودية تحتّم على من يتواجد داخل المطعم لتناول وجبته أن يدفع فاتورة الحساب عمن يأتون من معارفهم وأصدقائهم لذات المطعم لاحقا. إلا أن هذه العادة بدأت تندثر مع الكثير من شباب اليوم الذين يستغربون مثل هذه الطريقة، ويستبدلونها بنظام توزيع مبلغ قيمة وجباتهم بالتساوي، بحيث يدفع كل واحد حصته من الحساب فيما يعرف ب"القطيّة". وأبدى العامل في مطعم شعبي بالرياض محمد رمضان استغرابه من بعض زبائنه الذين يدفعون حساب الوجبات التي يطلبها زبائن آخرون يتواجدون في المطعم، وحين يسألهم عن السبب في ذلك يذكرون أنه حين يأتي أي من معارفهم لتناول وجبته، فإن عاداتهم تقضي بالدفع عنهم، مضيفا أن الطرف الآخر يحاول ثنيهم عن الدفع، إلا أنهم يبادرونه بالحلف بأن "الحساب واصل". وأشار إلى أن من يمارس هذه العادة في الغالب زبائن متقدمون في السن، ودائما ما يحدث بينهم ما يشبه "العراك" أمام صندوق المحاسبة، وكل واحد يمسك بيد الآخر حتى لا يخرج النقود، ليكون هو من يدفع الحساب، ودائماً ما يسمع عبارات ك"والله ما تدفع"، و"الحساب عليّ". ولفت رمضان إلى أن هذه الطريقة لا تنطبق على من يطلبون الوجبات الخارجية "السفري"، كما لا يمارسها الكثير من الشباب الذين يدفع أحدهم كامل المبلغ، ويطلبون من المحاسب تقسيم الحساب على عددهم ليدفع كل واحد نصيبه من مبلغ الوجبة لاحقا. وأكد المواطن عبدالله المسيلي على وجوب دفع الحساب عمن يرتادون المطعم أثناء تواجده فيه، فعندما يكون داخل المطعم لتناول وجبته، ويحضر أي أشخاص يعرفهم، فيتوجب عليه أن يدفع عنهم قيمة طلباتهم تطبيقا لعادة قبليّة قديمة تستوجب "من يتواجد أولا في المطعم يدفع الحساب"، مشيرا إلى أنه غير ملزم بالدفع، كما أن الطرف الآخر يرفض ذلك، لكن هذه العادة تظهر الكرم والضيافة والتقدير بين أفراد المجتمع. ويشير المواطن حمد الشلوي إلى أن هذه الطريقة تحدث في المطاعم الشعبية التي لا تتبع نظام "الدفع مقدما" بحيث يتوجه الزبون مباشرة لموقع تناول الوجبة ويحضر له "النادل" قائمة بالطلبات، ويختار منها ما يريد على أن يكون الحساب لاحقا، وفي حال شاهد أيا من معارفه يأتي بعده للمطعم عليه أن يدعوه لتناول الطعام معه، وعندما لا يلبون الدعوة، فعلى الأول الإسراع في تناول وجبته والتوجه لصندوق المحاسبة، ويدفع الحساب عنهم ثم يعود إليهم ويخبرهم بأن "الحساب واصل"، وهم بدورهم يحاولون ثنيه عن الدفع، لكنه يصر على ذلك. وأضاف أن الرجل الذي يدفع الحساب عن معارفه يذكر لهم أن ذلك من الحفاوة بهم، ويعتبرهم ضيوفا عليه، فما يكون منهم إلا شكره والدعاء له ب "الله يكثّر خيرك"، مشيرا إلى أن من لا يقوم بهذه الطريقة يكون في نظر البعض "بخيلا"، ولا يعرف "السلوم" أي العادات والتقاليد الحسنة. "الوطن" استطلعت آراء عدد من الشباب عن هذه العادة، وذكر غالبيتهم عدم معرفتهم بها، بل إنهم يرفضون أن يدفع أحدهم عن الباقين حتى لا يثقلوا كاهله، وذكروا أنهم يتفقون مسبقا على أنه عندما يتوجهون لتناول الوجبات توزّع قيمة الوجبة بينهم بالتساوي، وبذلك يجدون ارتياحا كبيرا لهذه الطريقة. في حين قال آخرون إنهم يطبقون هذه العادة تقليدا لآبائهم المتمسكين بها، ودائما ما يوجهونهم بمثل هذه العادات التي تظهر كرم الضيافة.