قدمت الحكومة الإسرائيلية في اتصالات هادئة تجرى الآن مع إدارة الرئيس باراك أوباما حول تحريك عملية السلام المجمدة رؤية بالغة التشدد لتعريفها لما تسميه الشروط الأمنية التي ينبغي على الفلسطينيين الموافقة عليها مقابل إقرار خط الحدود بين الدولتين. وكانت الإدارة الأميركية قد سعت إلى تطبيق مبدأ جديد لإدارة عملية التفاوض غير المباشر هو الحصول من كل طرف على ما يسمى "ودائع" تتعلق بقضايا الحل النهائي. وتقضي تلك العملية بافتراض مسلسل من الخطوات والخطوات المقابلة تعالج قضايا الوضع النهائي بصورة تدريجية على أساس تحديد كل طرف لما يمكن أن يقدمه إذا ما قدم الآخر تعهدا يتعلق بجزء من القضية النهائية التي تناقش. بعبارة أخرى تبدأ إسرائيل من مقولة إن ترسيم الحدود يتطلب الحصول على ضمانات أمنية، فيقول الفلسطينيون إنهم جاهزون لتطبيق هذا الإجراء أو ذاك لتوفير تلك الضمانات فيرد الإسرائيليون بأن ذلك ليس كافيا وأنهم بحاجة إلى إجراءات أخرى وهكذا. وخلال ذلك تسجل الولاياتالمتحدة "ودائع" كل طرف أي ما قدمه عند مناقشة تلك القضايا الجزئية. وقدم الإسرائيليون لواشنطن قبل نحو عشرة أيام، رؤية للمتطلبات الأمنية تتضمن الحفاظ على قوات إسرائيلية في غور الأردن وإبقاء المستوطنات والبؤر الاستيطانية القائمة داخل الأراضي الفلسطينية على حالها حتى إذا وقعت تلك المستوطنات في أراضي الدولة الفلسطينية والحفاظ على طرق تصل تلك المستوطنات بإسرائيل تحت سيطرة أمنية إسرائيلية بالإضافة إلى التحكم في المجال الجوي والمائي للدولة الفلسطينية المقترحة ورفض إعادة أي من اللاجئين إلى إسرائيل. ونقلت تلك الرؤية المتشددة إلى إدارة أوباما كتعريف إسرائيلي للضمانات الأمنية التي تطلبها حكومة بنيامين نتنياهو، وذلك بعد تقديم السلطة الفلسطينية لتعريفها للضمانات التي بوسعها تقديمها. وعلى الرغم من أن الضمانات التي قدمتها السلطة غير معروفة بعد، إلا أن ما نشر عنها يتلخص في تعزيز الإجراءات الأمنية والتعاون مع إسرائيل لضمان منع وقوع أي هجمات فدائية. وردت السلطة الوطنية طبقا لتقارير أميركية على التعريف الإسرائيلي للأمن برفض أي تواجد إسرائيلي في غور الأردن، مع الإشارة إلى احتمال قبول تواجد قوات دولية لفترة معينة ورفض الإبقاء على المستوطنات والبؤر الاستيطانية داخل الأراضي الفلسطينية في حال اعتبار المستوطنين مواطنين إسرائيليين فقط، أي ليسوا مواطنين فلسطينيين، ومن ثم لا يخضعون لسيادة وسلطة الدولة الفلسطينية ورفض إخضاع الطرق بين المستوطنات لمبدأ "الإسرائيليون فقط" أي رفض استثناء الفلسطينيين من استخدامها ورفض سيطرة القوات الإسرائيلية على أمن تلك الطرق. ويعني ذلك أن الخطوة الأولى في "المسار الجديد" الذي تسعى إدارة أوباما إلى تطبيقه للتعامل مع جمود عملية السلام تعرضت هي ذاتها للتجميد بعد التعريف الإسرائيلي المتصلب للضمانات الأمنية التي تنفي من البدء شروط إقامة الدولة الفلسطينية. ويتردد في واشنطن أن الإدارة ستسعى إلى اقتراح حلول وسطية خلال الشهر المقبل لإخراج هذا "المسار الجديد" من المأزق الذي واجهه بعد لحظات من ولادته. إلى ذلك، اتهم رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات، وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بممارسة التحريض ضد السلطة الفلسطينية، واصفا تصريحاته أمام السفراء الإسرائيليين في العالم، التي شكك فيها بشرعية السلطة وأرسل برقيات إلى العالم يحرض فيها عليها ويقول إنها لا تريد السلام، "تأتي ضمن مخطط إسرائيلي يتضح بعده على الأرض من خلال الاستيطان". واعتبر عريقات أن مواقف ليبرمان "توضح كل مرة سياسة الحكومة الإسرائيلية الحقيقية التي تعتبر أن السلطة غير شرعية ورئيسها محمود عباس غير شريك ويمثل مشكلة وذلك بغرض استمرار الاستيطان وتهويد القدس وفرض الحقائق". وأضاف أن الحكومة الحالية في إسرائيل تريد إلغاء كل ما تم من مفاوضات حول قضايا الوضع النهائي وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر. من جهة أخرى،دعت وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية وزراء خارجية العالم لمقاطعة ليبرمان بعد أن وصفته ب" رمزالعنصرية". وقالت "نطالب كافة دول العالم ووزراء خارجيتها ومسؤوليها بمقاطعة هذا المستوطن بسبب التحريض على نشر ثقافة العنصرية والفاشية وتهديد السلم الإقليمي والعالمي".