وصل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي أمس، إلى البصرة بعد أسبوع من التظاهرات الاحتجاجية، وفي وقت زادت حدة المطالبة باستقالة حكومته من قبل تحالف الفتح التابع لميليشيات الحشد الشعبي على الرغم من انتهاء فترة توليه الحكم، وحملت المطالبة في طياتها رسالة إيرانية بأنهم ما زالوا يمتلكون اليد الطولى في تقرير مصير الحكومات العراقية. وقال مراقبون إن تهديد نائب رئيس ميليشيات الحشد الشعبي بالنزول للشارع على خلفية أحداث البصرة، ما هو إلا تهديد إيراني غير مباشر لنشر القوات الإيرانية، بالتزامن مع قدوم شهري محرم وصفر، اللذين تستقبل فيهما المدن المقدسة الشيعية آلاف الإيرانيين الذين قد يكون من بينهم عناصر من الحرس الثوري بحجة أداء الطقوس الشيعية. موقف صعب وكانت البصرة قد شهدت احتجاجات متصاعدة على مدى 5 أيام قبل أن يعود الهدوء إليها السبت الماضي، فيما عقدت جلسة استثنائية في البرلمان لمناقشة الأزمة بحضور العبادي وبعض من وزرائه، لكن لم تكن على مستوى طموحات المتظاهرين، وبعدها، وجد العبادي - الذي كان يعول على تحالفه السياسي مع ائتلاف «سائرون»، الذي يتزعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لتشكيل الكتلة الأكبر، وتسميته لولاية ثانية - نفسه في موقف صعب، وقال المتحدث باسم تحالف «سائرون» النائب حسن العاقولي في مجلس النواب «نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي»، كما خسر العبادي أيضاً ثاني أكبر الفائزين في الانتخابات، تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري المقرب من إيران.
استهداف مباشر أوضح المراقبون أن اقتحام مبنى القنصلية الإيرانية خلال أحداث البصرة، تعتبره إيران استهدافا مباشرا لنفوذها، في بلد لطالما اعتبرته خط الصد الأمامي بعد سورية التي تمدها أيضاً بعناصر ميليشيات عراقية تدربوا في إيران، واصفين رد فعل الخارجية الإيرانية المتعلقة بمطالبتهم إنزال أقصى العقوبات بحق من نفذ الاقتحام وحرق القنصلية، بأنها غير مسؤولة ولا ترقى للمستوى الدبلوماسي. وأشار المراقبون إلى حادثة الاعتداء على قنصلية السعودية في محافظة مشهد، والذي وصفته إيران بأنه «رد فعل في حالة غضب من قبل بعض الشبان»، لافتين إلى أن العراقيين الذين قاموا بحرق القنصلية الإيرانية في البصرة أيضاً كانوا في حالة غضب من سياسات الأحزاب والميليشيات الموالية لها. انتقام طهران اعتبر المراقبون أن استهداف شخص العبادي في الظروف العراقية الراهنة هو استهداف سياسي بحت، حيث إن إيران لا تزال تبحث عن وسيلة للانتقام منه.