تتعدد المظاهر الاجتماعية في مختلف المناطق السعودية والتي تعبّر عن ثقافة الضيافة والحفاوة، وتبرز مظاهر الكرم المختلفة. وفي المنطقة الغربية وخاصة في مدينة مكةالمكرمة التي تكون مصب شتى بقاع الأرض في هذا الشهر الفضيل، تستقبل وفود الحجاج لتجزل لهم كرم الضيافة، وتقف المملكة كافة على قدم وساق ليكون العرس الرباني في أبهى حلله. عادة تاريخية «الوطن» التقت بعدد من السيدات في مدينة مكةالمكرمة ضمن فعالية «المعمول المكي» والمقامة تحت إشراف جمعية مراكز الأحياء بمكةالمكرمة، والتي تخللتها مسابقة لأفضل «معمول»، ضمن أجواء مكيّة مليئة بروح الفرح ومصحوبة بتكبيرات العيد الروحانية. وقالت السيدة عائشة ميمني صاحبة متجر «منقاش معمول» إنها «وعت على الدنيا قبل حوالي 60 سنة ووجدت والدتها وخالاتها في كل عام من شهر ذي الحجة يشمرن عن سواعدهن ليقمن بعجن الدقيق والماء، ويخلطن السمن، ويفرزن التمر لإخراج النواة وتشكيل «عجة التمر» التي أصبحت اليوم تباع بشكل جاهز وبدون مشقة، وبعد ذلك تبدأ عمليات تشكيل العجين وإدخال حشوة التمر، وصنع عمليات النقش على العجين لتجميل شكله». دوافع الصناعة أكملت ميمني قائلة عن سبب صناعة المعمول «هو أن رجال مكة جميعا كانوا يخرجون إما للحج أو للعمل في الحج، وبالتالي يحتاجون لغذاء مفيد وسهل الأكل وسهل النقل، فكان المعمول هو الحل لاحتوائه على التمر والسكر والسمن وبالتالي يزودهم بالطاقة التي يحتاجونها». ومن زاوية أخرى أفادت السيدة أم خالد بأن المعمول هو الضيافة المتوارثة منذ القدم، حيث كان الموظفون يصنعونه لتقديمه كضيافة لحجاج بيت الله، وتقديمه في المشاعر المقدسة كنوع من أنواع الحلويات والغذاء، فيما تجتمع نساء مكة في منزل واحد يوم التاسع من ذي الحجة، بعد أن تخلوا مكة من أي رجل سوى «العسة» وهو الشخص المسؤول عن حراسة مكة ونسائها، ليجتمعن على أكل المعمول والاحتفال بليلة العيد. وعند سؤال السيدات عن حشوة المكسرات في المعمول، أجبن بأن أهل مكة يصنعون المعمول بالتمر فقط، فيما تكون حشوة المكسرات لدى السوريين فقط، وعند المصريين يوجد «كعك العيد» الذي يصنعونه في عيد الفطر دون حشوة تمر، وبالتالي فإن التمر يعد عادة مكيّة فقط.