وسط تصريحات متناقضة لمسؤولين إيرانيين برفض التفاوض مع الولاياتالمتحدة بعد انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي مع طهران، وإصدار واشنطن عقوبات جديدة خلفت آثارا كارثية على الشعب الإيراني، أجمع مراقبون على أنه على مدى نحو 40 عاما من عمر نظام الملالي في إيران كان سيناريو «التفاوض» قاسما مهما من استراتيجيته بهدف كسب الوقت والتغطية على الأزمات الداخلية، كذلك مواصلة سلوكه الخارجي بالتدخل في شؤون دول الجوار، ومد أذرعته عبر الميليشيات لإشعال الحروب، وإثارة الفتن الطائفية في بعض الدول العربية. وقال المراقبون إن نظام الملالي الديكتاتوري لاقى للأسف فرصا متتالية من خلال عملية التفاوض، لأن النظرة العامة لهذه العملية خلال الأربعة عقود الماضية أظهرت النتائج المدمرة للتفاوض معه، ونتيجة لذلك استمر هذا النظام بالبقاء حتى يومنا هذا، وهو ما وصف بأنه جاء على حساب الشعب الإيراني وكانت مقاومته أول ضحاياه، لا سيما وأن هذا النظام هو الممول والأب الروحي للإرهاب في العالم، وبقاؤه يعتمد على فناء الآخرين. وتوقع المراقبون أن الفترة المقبلة ستشهد تحولا استراتيجيا في التعامل مع إيران، وأن الولاياتالمتحدة ستفرض شروطها الداعية لتغيير سلوك النظام في المنطقة والعالم. مصادرة الحريات قال الباحث السياسي، عبدالرحمن مهابادي، إنه بالنسبة للإيرانيين فإن الأمر واضح ومثبت فمنذ اليوم الذي منع فيه النظام الإيراني أي نوع من أنواع النشاطات السياسية والسلمية لمعارضيه في داخل إيران وأسس ديكتاتورية مطلقة لولاية الفقيه وأجبر الناس على حمل السلاح والبدء بنضال مسلح، فإن تداعيات طاولة التفاوض مع هذا النظام كان لها آثارها الفادحة وتخطت الخط الأحمر الموجود بين الشعب والديكتاتور المتعلق بحرية الشعب وكرامته، لا سيما في وجود تيارات تخطت هذا الخط الأحمر ولم تكترث بمصالح شعبها. وأضاف: «بما أن التاريخ يمر عبر العديد من التحولات للوصول إلى الوجهة المقصودة، فإنه لم يكن مستبعدا أن يقف العالم إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته المشروعة»، مبينا أن الحكومة الأميركية للمرة الأولى تقف لجانب المقاومة الإيرانية وأنها في السنتين الأخيرتين، تبنت سياسة وإستراتيجية جديدة متسقة مع استراتيجية المقاومة. المشهد الخارجي حسب مهابادي، فإن المفاوضات في الخارج لم تكن مختلفة عن الداخل، إذ إن الحكومة العراقية السابقة بسبب الثقة التي اعتمدتها مع النظام الإيراني وفتحها لباب التفاوض معه، حولت العراق إلى ميدان للصراع سواء بين القوى السياسية أو من خلال ممارسات ميليشيات الحشد الشعبي، فيما منح هذا الوضع الفرصة لظهور تنظيم داعش الإرهابي والذي تم القضاء عليه بعد حرب استمرت أكثر من ثلاث سنوات أسفرت عن تدمير مناطق عديدة بالعراق. وذكر مهابادي مثالا آخر للتفاوض مع إيران، المتعلق بمفاوضات الدول«5 +1» حول مشروع النظام النووي خلال فترة حكم باراك أوباما، وقال إن النظام الإيراني استغل هذا الاتفاق في ما يهدد المنطقة والعالم، بمشاركته فيما يسمى«الحروب بالوكالة» في المنطقة، فضلا عن الاستمرار في برنامجيه النووي والصاروخي. تغير الموقف الأميركي أوضح مهابادي أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفضه للاتفاق النووي و«المفاوضات من النوع السابق» ومع استراتيجيته المعلنة حاليا تجاه إيران، يمضي قدما ليسجل اسمه في التاريخ. لذلك فإن أول درس يمكن أخذه من هذا التحول في السياسة والاستراتيجية الأميريكية هو أن رفض التفاوض والتعايش مع الديكتاتورية الدينية والتقدم في المسار الصحيح للتاريخ هو الضرورة لضمان الأمن والأمان في العالم، لا سيما وأن استمرار خط الاسترضاء والتماشي مع هذا النظام الكهل يظهر قبل كل شىء مدى بؤس هؤلاء الذين وقفوا في الجانب السلبي للتاريخ. بالطبع ستتحدث الأجيال القادمة حول هذا الأمر بشكل مفصل أكثر. رفض الحوار أكد مهابادي على ضرورة رفض الحوار مع نظام الملالي الديكتاتوري، مبينا أن ما يدور الآن حول الدعوة الأميركية لإجراء محادثات مع النظام الإيراني، مختلفة جدا عن الماضي، إذ إنه في فترات سابقة كانت المبادرة التفاوضية بين أيدي حكام طهران، كذلك فإن نظام الملالي لم يكن انتفاضة هزت أركانه، إضافة إلى أنه في الماضي، تحكم طيف واسع من متبعي سياسات التماشي الغربيين المتعطشين لنفط ودولار نظام الملالي بسياسات واستراتيجيات الحكومات وأغلقوا عيونهم عن جميع جرائم النظام الإيراني، سواء في إيران أو في الخارج. وقال إنه «لا يجب الاعتقاد بأن المفاوضات التي دعت إليها الآن الحكومة الأميركية نظام الملالي تشبه المفاوضات السابقة، لأن هذه المفاوضات ستكون من نوع لن يكون بمقدور الملالي الوصول إليها بهذه السهولة وعندما سيصل إليها سيتم فرض الشروط الأميركية وستكون فضيحة تاريخية للأطراف التي ذهبت في وقت سابق إلى طاولة المفاوضات للتفاوض مع النظام». أبرز الشروط الأميركية للتفاوض مع إيران 01 الكشف عن تفاصيل برنامج طهران النووي. والسماح لوكالة الطاقة الذرية بالتفتيش المستمر 02 وضع حد لانتشار الصواريخ البالستية. والصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسا نووية 03 وضع حد لدعم فيلق القدس في الحرس الثوري 04 وقف دعم ميليشيات جماعة الحوثي المتمردة في اليمن 05 التوقف عن تخصيب اليورانيوم، وغلق المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل 06 وقف دعم «المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط» 07 نزع سلاح الميليشيات الشيعية في العراق 08 الانسحاب من سورية وسحب ميليشيات الحرس الثوري الإيراني هناك