في الوقت الذي يسعى فيه ناشطون بيئيون لنشر الوعي البيئي بين مختلف فئات المجتمع بأهمية الأشجار والحدائق والمتنزهات للبيئة والصحة، حذر أستاذ المحاصيل والمراعي في جامعة القصيم، رئيس مجلس إدارة جمعية «آفاق خضراء» البيئية الدكتور عبدالرحمن الصقير من بعض الممارسات غير الملائمة في عمليات التشجير الحضري في مدن وقرى المملكة، التي تمثلت بزراعة أشجار متدنية القيمة البيئية كالنخيل ونخيل الواشنطونيا، وكذلك بإزالة الأشجار أو قصها بشكل جائر» تقزيمها»، وإغفال تشجير الشوارع الفرعية والأحياء، مؤكدا على وجود العديد من الدراسات التي أثبتت ارتباط تلوث الهواء بأمراض عدة كالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم والأمراض العقلية وأمراض الجهاز التنفسي والميل للعزلة. هجرة من الريف يقول الصقير ل»الوطن»: أدرك الإنسان منذ القدم أهمية الأشجار والمساحات الخضراء والحدائق في توفير بيئة صحية للسكن والمعيشة، إلا أن ازدياد عدد سكان العالم وما صاحبه من تغيرات في أنماط الحياة خصوصا مع الثورة الصناعية في نهاية القرن الثامن عشر، حيث اتسعت المدن وتقلصت المساحات الخضراء وتضاعفت المباني والطرق ووسائل المواصلات، أصبح أكثر من نصف سكان العالم الآن يعشون في المدن والعدد في نمو سريع نتيجة الهجرة المستمرة من الريف. دراسات وأبحاث أوضح أستاذ المحاصيل والمراعي، أن التغير العالمي في نمط السكن والمعيشة، رغم إيجابياته الكثيرة لم يخلو من سلبيات على البيئة والإنسان، حيث تفاقمت الملوثات بأنواعها نتيجة تنوع مصادرها وتناقص الأشجار والمساحات الخضراء في الوقت نفسه بسبب الحاجة للتوسع الحضري، ورغم ما يتميز به السكن في المناطق الحضرية من مظاهر الرفاهية والترف، إلا أن عللا وأمراضا خطيرة ارتبطت بهذا النمط من المعيشة، ويأتي في مقدمتها السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم والأمراض العقلية وأمراض الجهاز التنفسي والميل للعزلة، وهذا ما أثبتته الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية. تطور المهارات أضاف الصقير أن دور الأشجار والحدائق لا يقتصر على الجانب الجمالي فقط بل فوائدها الصحية البدنية منها والنفسية للإنسان لم تعد مجالا للشك أو التساؤل، حيث تأكد عن طريق البحث العلمي في عديد من الدول وجود ارتباط إيجابي بين كثافة التشجير واتساع رقعة المساحات الخضراء من جهة، وتحسن الصحة العقلية والنفسية والبدنية للسكان من مختلف الأعمار من جهة أخرى، حيث خلص أحد الأبحاث اليابانية إلى نتيجة مفادها أن وجود مساحات خضراء كافية في المدن يسهم في تحسين صحة السكان وإطالة أعمارهم، كما وجد باحثون أستراليون علاقة وثيقة بين تطور المهارات الإدراكية للطلاب ووجود مناطق خضراء محيطة، كل هذا خلق رأيا عاما عالميا بأهمية التوسع في التشجير وإتاحة المزيد من المناطق الخضراء في المدن والتجمعات السكانية. بدأت المنظمات والجهات الحكومية والأهلية المحلية منها والإقليمية والدولية تولي التشجير اهتمامها وعنايتها، فعلى سبيل المثال التزم وزراء الصحة والبيئة في أوربا في المؤتمر الخامس، الذي عقد في إيطاليا بالعمل على توفير أماكن بيئية آمنة لكل طفل، تؤمن له المشي أو ركوب الدراجة للذهاب للمدرسة، ومساحات خضراء يستطيع أن يمارس اللعب والأنشطة الحركية فيها وذلك قبل حلول العام. كما تضمن تقرير المكتب الإقليمي الأوربي لمنظمة الصحة الدولية، الذي شارك في إعداده 41 خبيرا دوليا في مجالات البيئة والصحة والتخطيط الخضري على مراجعة شاملة للأدلة، التي تؤكد على فعالية وتأثير المساحات الخضراء على صحة السكان، وخلص التقرير إلى أهمية الحدائق والمساحات الخضراء في المناطق الحضرية، وأنها أفضل الطرق وأيسرها لتحسين البيئة وتقليل الأمراض المرتبطة بقلة الحركة كالسمنة والسكر وغيرها.