49 عاما مرت على اكتشاف منجم جبل الملح الصخري بمدينة جازان القديمة، الواقعة بين شارع "المطلع" شرقاً، والبحر غرباً، المنجم الذي تبين من الدراسات التي أجريت عليه، أن خام الملح الموجود عالي النقاوة. إلا أنه رغم جودته، استخدمت طرق بدائية في استخراجه، عبر التكسير باليد! هذا فضلا عن وجود نوع آخر من الملح في جازان، مترسب حول الشاطئ، أو ذائب في ماء البحر. ورغم انتهاء الدراسات البحثية والاقتصادية، إلا أنه لا يزال على حاله من الإهمال وعدم العناية به!. الدراسة العلمية في الثمانينات الهجرية، قامت شركة "راين رو" الفرنسية، بتكليف من وزارة الشؤون البلدية والقروية، بعمل دراسات للتربة في مدينة جازان، وعلى ضوئها تمت معاينة موقع المدينة، وتبين من خلال هذه الدراسة، وجود منجم ملح، يقع على امتداد شارع الملك عبدالعزيز (المضربية)، كما كشفت تلك الدراسة أن المنجم يقع على مساحة 500 هكتار تقريباً، ومتوسط عمقه 5000 متر، ويبدأ من البحر غرباً، إلى شارع "بترومين" شرقاً، بتدرج مختلف يصل إلى 53 مترا كأقصى ارتفاع، وهنا تقع القبة الملحية. ويقع المنجم داخل النطاق العمراني، ويدخل في أملاك وزارة الشؤون البلدية والقروية، ولكنه ولأن الملح "ثروة معدنية"، فالاستفادة منه من مسؤولية وزارة البترول والثروة المعدنية، التي لم تول هذا المنجم اهتمامها، حيث بقي على وضعه منذ تلك الدراسة، وعلى مدى 49 عاما!. جودة عالية خام الملح الموجود في موقع القبة الملحية يعتبر ملحا "عالي النقاوة"، والذي يمكن استغلاله بطرق فنية، دون أن يكون لها تأثير بيئي، بدلاً من التكسير والتفجير، وذلك عن طريق حفر آبار، وإذابة الملح، ومن ثم ضخه، وإعادة تبلوره، والاستفادة منه كمصدر طبيعي لإنتاج العديد من المنتجات الصناعية، الأمر الذي سيساهم في تنمية المنطقة تعدينياً وصناعياً، ويوفر فرص عمل بها. مشروع متعثر قديماً كانت المنطقة حيث يتواجد الملح مفتوحة، حيث عمل بعض المواطنين على تكسير الصخور الملحية بطريقة بدائية، وبيعها. وبعدها قام عدد من رجال الأعمال في المنطقة، بإنشاء شركة تحت مسمى "شركة ملح جازان"، وحصلت على رخصة كشف عن خام الملح، بموجب قرار وزاري بتاريخ 1417ه، إلا أنها ماتت قبل أن ترى النور!. وتاليا قامت الأمانة بتسليم وزارة البترول والثروة المعدنية، أرضا خصصت لهم، تقع ضمن مساحة المنجم منذ 5 سنوات، ولم يتم استثمارها حتى الآن. فرصة استثمارية بدوره أوضح أمين عام الغرفة التجارية، المهندس أحمد القنفذي، أن "الغرفة قامت بطرح منطقة جبل الملح أمام المستثمرين، من خلال عدة وسائل، وهذا الجبل يعد فرصة استثمارية ذات جدوى كبيرة، حيث أثبتت الدراسات التي قامت بها الغرفة أن هذا الجبل صالح للاستثمار لمدة 99 عاما"، مبينا أن الغرفة "أصدرت دراسة جدوى شاملة عن جبل الملح، ومصنع الملح، وهي متوفرة بمركز الدراسات والمعلومات بمقر الغرفة". طاقة إنتاجية وفقاً لدراسة الجدوى، لإنشاء مصنع لإنتاج الملح في جازان، والتي نفذت عام 2003، تبين أن الطاقة الإنتاجية المتوقعة لعمليات الاستخراج والإنتاج، تبلغ نحو 200 ألف طن سنوياً من كلوريد الصوديوم، وحوالي 100 ألف طن سنوياً من كبريتات الصوديوم، حيث إن كلوريد الصوديوم يستخدم كملح طعام وملح صناعي، أما كبريتات الصوديوم فلها استخدامات صناعية أخرى، وهذا يعني أن المصنع سيقوم بإنتاج 50000 طن من ملح الطعام في السنة. كما أوصت الدراسة ب"استخراج الملح عبر ضخ المياه المالحة، باستخدام مضخات خاصة لهذا الغرض، عبر مسارات يتم تجهيزها لتوصيل المياه إلى تجاويف القباب الملحية في باطن الأرض، والتي قد تصل لعمق 200 متر، ثم الحصول على محلول ملحي مشبع، يتم ضخه بعد ذلك إلى خطوط الإنتاج المختلفة". وقدرت الدراسة تكاليف إنشاء مشروع مصنع الملح في حال تم تنفيذه على مساحة 50000 متر مربع، بنحو 11043500 ريال، ويشمل ذلك تكاليف المبنى الإداري، والمرافق الأخرى، والمصنع، وأعمال الموقع العام للمشروع. كما قدرت الإيرادات السنوية للمشروع عند الطاقة القصوى بأكثر من 70مليون ريال، وعملية بيع الأصول المتبقية والخردة بعد انتهاء العمر الافتراضي للمشروع، بما يقارب 8397000 ريال. بائع الملح حمد أحمد معدي،عمره قارب ال 70 عاما، وهو الوحيد المستمر في مزاولة بيع الملح بالطريقة التقليدية في المنطقة حتى اليوم. يقول في حديثه مع "الوطن"، ساردا قصته "أسكن في بيت شعبي، ولدي 9 أطفال، ولا أملك وظيفة سوى التكسير من جبل الملح، الذي أسكن بالقرب منه، وبيع الملح لتوفير المصروف اليومي"، مضيفا "بدأت مزاولة هذه المهنة منذ 30 عاماً، وكان معي ما يقارب ال 10 أشخاص، بعضهم توفاهم الله، والبعض لم يعد يقوى على هذا العمل، وبقيت مستمرا في مهنتي وحيداً هذه الأيام". وعن طريقة العمل، قال "أقوم بتنظيف طبقة التربة لتظهر صخور الملح، ثم أبدأ بتكسيرها بطريقة بدائية، باستخدام أزمير ومطرقة، ثم أجمع الملح في أكياس يزن الواحد منها 30 كجم تقريباً، وأجمع يومياً من 5 إلى 10 أكياس، وأبيع الكيس الواحد ب 30 ريالا، وهناك عدد كبير من الزبائن يترددون عليّ لشراء هذا الملح، لأنه صالح للأكل مباشرة بعد تفتيته، وأفضل من ملح الطعام المعلب، كما أن له استخدامات أخرى للمواشي والكهرباء".