فيما يتوجه اللبنانيون غدا إلى مراكز الاقتراع لانتخاب 128 نائبا جديدا أو مجددا له، حيث بدأ أمس الصمت الانتخابي، ينتشر الفقر والحرمان في منطقة بعلبك – الهرمل البقاعية على الحدود اللبنانية السورية، فالإهمال هو العنوان الأساسي لهذه المنطقة التي تشكل أقل من ثلث مساحة الدولة اللبنانية، ويذهلك صور أعلام حزم الله المنتشرة على مد النظر عند مدخل القرى المحيطة بمدينة بعلبك، وكأننا في ثكنة عسكرية، وكلما اقتربنا من مناطق نفوذ حزب الله ترفع صور «شهدائه» في الزوايا والطرقات الرئيسية بدلا عن إشارات السير الغائبة، وأعمدة الإنارة المقطوعة من الكهرباء! يقبض حزب الله على زمام منطقة بعلبك الهرمل منذ عام 1992، فنوابه العشرة الذين يمثلون الأهالي هناك متهمون بالتقصير، وعدم إنجاز وعودهم الانتخابية منذ 20 عاما إلى الآن، وانصرافهم إلى تنمية ثرواتهم الشخصية على حساب إفقار الناس. من هنا اعتبر سكان بعلبك – الهرمل أن الانتخابات المزمع عقدها غدا فرصة ذهبية لإجراء تغيير حقيقي في نواب المنطقة عبر خرق لائحة حزب الله في سابقة تاريخية، وإيصال نواب جدد على أمل قيامهم بعملية تنمية حقيقية، بدلا من وعود نواب حزب الله الكاذبة.
أوهام حزب الله قال المرشح المستقل ورئيس بلدية طاريا السابق محمد سلمان حمية ل«الوطن»: «إنها المرة الأولى التي تحدث معركة انتخابية حقيقية في بعلبك – الهرمل، ويظهر منافسون لحزب الله الذي اعتاد على إيصال مرشحيه بسهولة، وبالتالي كانت أي محاولة في السابق للترشح أمام لائحته عملية انتحارية، إلا أنه بعد إقرار القانون النسبي يرفض الناس استمرار عملية دمار منطقة بعلبك الهرمل الاقتصادية والزراعية التي مارسها حزب الله منذ عام 1992، فكانت ثمارها بطالة شبابنا، واضطرارهم للهجرة إلى خارج لبنان، لذا قررنا تغيير هذا الواقع، ومحاسبة نواب حزب الله الذين قصروا في حقنا، كما نرفض تعمية عقولنا بشعاراته المذهبية والطائفية التي تعمل على بث الخوف فينا من الإرهاب والتكفيريين، لن نقبل العيش في أوهام حزب الله، ونسعى لاستعادة قرار منطقتنا من يديه». 75 مليون ريال المرشح المستقل يحيى شمص صاحب الحظ الأوفر في لائحة «الكرامة والإنماء»، وهو يشكل تهديدا حقيقيا لحزب الله كما قال الأهالي في جولتنا. يقول شقيقه ياسين شمص إن «العائلات في المنطقة تؤيد لائحتنا بسبب انتقادنا لأداء حزب الله الإنمائي، بالإضافة إلى رفضنا مشاركته في الحرب السورية التي جرت الويلات على منطقة بعلبك الهرمل، لا نريد لسلاحه أن يكون في سورية والعراق واليمن، ونطمح أن يكون حزب الله لبنانيا بحق، وذلك يتحقق بإدراج سلاحه ضمن إستراتيجية الدولة، حتى لا يتم توظيفه في مشاريع أخرى، من هنا ارتفعت لا كبيرة ضد حزب الله التي ستتم ترجمتها في صناديق الانتخاب، وبالتالي تواجه الدولة اللبنانية تحديا كبيرا في هذا المضمار لفرض هيبتها وسلطتها على صناديق الاقتراع، كي تمنع الغش والتزوير والرشوة، والضغط على الناخبين كي ينتخبوا لائحة حزب الله». وأبان شمص أن «من المتوقع خرق لائحة حزب الله بثلاثة مقاعد بالحد الأدنى، وهو ما دفع مناصري الحزب إلى تمزيق صور شقيقي، ونزع اللافتات الخاصة به، ومحاولة إغرائه بالمال كي يسحب ترشيحه، حيث عرض وسطاء منذ شهر على شقيقي سحب ترشيحه مقابل 20 مليون دولار - 75 مليون ريال - ومركز وزاري». الأمن أولا في بلدة دير الأحمر البقاعية، ذكر مرشح القوات اللبنانية الدكتور أنطوان حبشي أن «الأمن أحد أهم القضايا الأساسية في منطقة بعلبك الهرمل التي تحظى بصورة سيئة في الأذهان، ويتحمل نواب المنطقة العشرة الذين مثلوها لأكثر من 20 عاما مسؤولية ذلك، بعد أن كرسوا طبقية اقتصادية بينهم وبين الناس، فعاشوا هم في بحبوحة بينما يقبع الناخبون في الفقر والحرمان، لذلك أطمح إلى استكمال سيادة الدولة اللبنانية بإنجاز ترسيم الحدود، وتطبيق اتفاق الطائف، وإنهاء قضية المعتقلين في السجون السورية، وإلغاء القواعد العسكرية خارج المخيمات». وانتقد حبشي خطاب حزب الله الانتخابي الذي وصفه ب«التخويني الساخن» عندما وصف لائحتهم ب«المنافقين» بسبب قلقه من خرق لائحته للمرة الأولى، وقال «أرفض وصفي بمرشح ضد حزب الله فأنا مرشح ضد الإهمال والحرمان الذي تتعرض له منطقة بعلبك الهرمل من عشرات السنين، لأن الحرمان هنا ليس عاديا، بل فساد انتشر في كل شيء، بدءا بالتوظيف والمشاريع الوهمية التي يدفع ثمنها في البلديات، ولا تنفذ ولا نعرف أين تذهب الأموال. لذا ينتفض الأهالي على هذا الواقع السيئ». ثورة على الظلم أضاف حمية أن «حزب الله لم يقف مكتوف الأيدي أمام معارضيه، وظهور مرشحين منافسين للائحته الانتخابية، فطلب مني سحب ترشيحي بحجة الحرص على وحدة الوطن والطائفة الشيعية، إلا أنني رفضت، ويكفينا أننا وقفنا أمام حزب الله الذي أهمل الناس لسنوات طويلة، لقد أجبرهم ترشحنا على النزول بين الأهالي الذين تبين لهم حجم الغش والمتاجرة بدم الشهداء، ويشعر الناس باستياء من إنفاق حزب الله 3 ملايين دولار لتعليق الأعلام في بعلبك الهرمل، وهو مبلغ كفيل ببناء ثلاثة معامل قادرة على إيجاد فرص عمل للشباب والعائلات هنا، ليس ذلك فقط، بل يغطي حزب الله على بلطجة حلفائه الذين يقطعون الماء عن 50 ألف نسمة في فصل الصيف، لإجبارنا على شرائه من شركاتهم، وبالتالي يعتبر ترشيحنا أمام نواب حزب الله ثورة على الظلم، وعدم الإنماء والتهميش، وقلة المدارس والمعامل والمستشفيات». سياسة فرق تسد أكد المرشح المستقل المحامي غالب عباس ياغي أن «الأمن ينقص مدينة بعلبك بعد أن صادر حزب الله قرارها، وحصر كل أشغال البلديات في جهات تابعة له، ومزق الأواصر بين العائلات والعشائر كي يبقى القوة الوحيدة على الساحة، معتمدا على امتلاكه السلاح والمال، واستغلال العصبية المذهبية، لذلك تأتي أهمية المعركة الانتخابية هذه المرة التي ستبرز الوزن الضخم للقوة الاعتراضية المواجهة لحزب الله الذي يطبق منذ سنوات على التمثيل الشيعي، وصادر التمثيل السني والمسيحي، وبالتالي يرفض هزيمته في بعلبك الهرمل التي تعتبر منطقة خاضعة بشكل تام لنفوذه، لذلك يضع الناس بين دعم خيار المقاومة أو مساندة اللائحة الأخرى التي وصفت أعضاءها بالعملاء!، من هنا سيقاتل حزب الله حتى النهاية كي يحافظ على المقعد الشيعي في لائحته، لأن خسارته تعني اهتزاز مصداقيته في بيئته». المال السياسي في سوق بعلبك القديم قامت «الوطن» بجولة للوقوف على رأي الأهالي في المدينة، قال أحدهم إن «معركة انتخابية حامية تجري في بعلبك الهرمل، وللترويج لأنفسهم قام نواب حزب الله بتقديم الخدمات ودفع أقساط المدارس المتأخرة للفقراء، وإجراء بعض العمليات الطبية للمحتاجين». وقال مواطن آخر «نرفض أن تبقى بعلبك الهرمل ممرا لتجارة الممنوعات التي يمارسها حزب الله، وتهريب الأسلحة عبر الحدود مع سورية، ونقل المقاتلين من وإلى لبنان، كما نرفض إخضاع العائلات لولاية الفقيه». وأكد ثالث أن «حزب الله سيسعى لتجميع أكبر قدر من الأصوات لمرشحيه كي يفوز بشكل كاسح، لذلك سيتم شراء الأصوات، وسعر الصوت يوم الانتخابات سيتراوح بين (200 و500 دولار)». وأضاف أن «حزب الله يسعى لتكريس سطوته السياسية والاقتصادية والأمنية على لبنان عبر السيطرة على مجلس النواب من خلال أكبر كتلة نيابية، ما يخوله لاحقا للتحكم بصاحب القرار التنفيذي للجمهورية اللبنانية أي مجلس الوزراء، بعد أن طبق على رئاسة الجمهورية بإيصال حليفه ميشال عون إلى القصر الجمهوري كي ينفذ المشروع الفارسي في الشرق الأوسط». تبعات وجود نواب حزب الله في منطقة بعلبك – الهرمل البقاعية - انصرافهم إلى تنمية ثرواتهم الشخصية على حساب إفقار الناس. - التقصير، وعدم إنجاز وعودهم الانتخابية منذ 20 عاما. - كرسوا طبقية اقتصادية بينهم وبين الناس، فعاشوا هم في بحبوحة، بينما يقبع الناخبون في الفقر. - انتشار الفساد بدءا بالتوظيف والمشاريع الوهمية التي يدفع ثمنها في البلديات ولا تنفذ. - الإهمال والحرمان اللذان تتعرض لهما المنطقة من عشرات السنين.