بالتزامن مع الأزمة الخانقة التي تواجه المواطن في استقدام العمالة، وبالتوازي مع ارتفاع أسعار استقدام الخادمات، وطول مدة الانتظار التي تصل إلى 3 أشهر، قررت «الوطن» خوض التجربة ومعرفة التفاصيل الدقيقة بداية من خروج العاملة من موطنها وحتى وصولها، في وقت تشهد هذه الفترة طلبا مرتفعا على العاملات باعتبار قرب حلول شهر رمضان والإجازات السنوية. وكانت «الوطن» قد قامت بالاستفسار عن أسعار الاستقدام في أكثر من 10 مكاتب، وتراوحت الأسعار بين 16 و20 ألف ريال مع اختلاف وقت وصول العاملة. انطلاق الرحلة توجهت «الوطن» بداية، إلى مكتب العمل «بولو» التابع لسفارة الفلبين في العاصمة الرياض، لمعرفة مواقع مكاتب إرسال العمالة في العاصمة الفلبينية مانيلا الموثوقة، ومعرفة أسماء المكاتب الشهيرة والخاصة بإرسال العاملات المنزليات. وبعد معرفة مواقع أغلب مكاتب إرسال العمالة المنزلية في حي «مالاتي»، وهو أحد أحياء «مابيني» في مانيلا، انطلقت الرحلة من الرياض، واستغرقت بحدود 10 ساعات للوصول إلى مطار «نينوي» الدولي بمانيلا، وما إن وصلت الرحلة عند الساعة الرابعة عصرا حتى توجهنا إلى مقر المكاتب التي أبلغنا عنها مكتب «بولو» الذي يبعد عن المطار أقل من 10 كيلومترات. مقارنة التكاليف عقب الوصول، اتخذت «الوطن» من حي «مالاتي» مقرا للسكن لتكون قريبة من تلك المكاتب، وبدأت رحلة البحث عن مكتب لإرسال العمالة المنزلية ومعرفة تفاصيل عملية التوسط في استقدام تلك العمالة. وفي اليوم التالي قامت بجولة ميدانية في الحي المذكور والطواف حول مكاتب إرسال العمالة للخارج للاطلاع على أسعار تكاليف إرسال العمالة المنزلية إلى مكاتب الاستقدام السعودية، وطريقة عملية ربط الاتفاقيات بين المكاتب السعودية والفلبينية التي تتطلب المصادقة من قبل سفارة مانيلا في الرياض أو قنصليتها في الخبروجدة. وعند المكتب الأول تم رصد عدد من النسوة يحملن حقائب وجوازات سفر بأيديهن وامرأة كبيرة في السن تتحدث معهن، ويبدو عليهن أنهن سيغادرن مانيلا، وعند سؤال المرأة إلى أين سيكون اتجاه النسوة، أجابت إلى السعودية، قبل أن يقاطعنا أحد الأشخاص المتواجدين في المكتب ليسأل عن هويتنا وماذا نريد. تحدثت «الوطن» معه، وأخبرته أن سبب وجودنا هو البحث عن مكتب للاتفاق معه بخصوص استقدام العمالة المنزلية، ورغبتنا في مقابلة صاحب المكتب، وخلال فترة الانتظار لمقابلة المدير، عاودنا الحديث مع المرأة، وتم سؤالها عن عملها، فأكدت أنها تعمل لجلب العاملات المسلمات من مدينة «كوتاباتو» في إقليم «ماندناو» جنوبالفلبين إلى هذا المكتب، والذي بدوره يقوم بتوفير فرص عمل لهن في السعودية، قبل أن يخرج لنا صاحب المكتب، ويتحدث عن تفاصيل الاستقدام والاتفاق مع المكاتب السعودية تحديدا، وكيف تتم عملية الاتفاق واختيار العاملات ومدة الانتهاء من إجراءات إرسال العمالة المنزلية إلى المملكة. 4 إجراءات لإرسال العمالة خلص الاجتماع مع صاحب المكتب الفلبيني، الذي دام قرابة 45 دقيقة، إلى أن الاتفاق مع مكاتب الاستقدام السعودية يتمحور في 4 نقاط رئيسية، تتمثل في مدة إنهاء إجراءات العاملة المنزلية وإرسالها إلى المملكة، والتكلفة، والتعويض، وغرامات التأخير. توجهنا بعدها إلى مكتب آخر يبعد عن المكتب الأول بضعة أمتار، لم يختلف المشهد كثيرا في المكتب الثاني عما شاهدناه في المكتب الأول من استقبال لطلبات العمل خارج الفلبين، باستثناء بعض الوجوه العربية التي تواجدت داخل المكتب، ويبدو عليها أنها تعمل كسماسرة لإرسال العمالة المنزلية لدول الخليج. آلية الإرسال الرسمية أجمع عدد من أصحاب مكاتب إرسال العمالة الفلبينية في مانيلا، على أن الاتفاقية المبرمة بين المكتب السعودي والمكتب الفلبيني تنص على أن تكلفة إرسال العاملة المنزلية تراوح بين 2700 دولار و3 آلاف دولار (10125 - 11250 ريالا)، فيما تقدر تكلفة إرسال السائق الخاص ب2000 دولار (7500 ريال)، بالإضافة إلى أن المدة المحددة في الاتفاقية لا تتجاوز 60 يوما من وصول عقد العاملة المنزلية المصدق من قبل السفارة الفلبينية في المملكة. وأكد أصحاب تلك المكاتب أن الاتفاقية تنص أيضا على فرض غرامة تأخير في حال لم تصل العاملة المنزلية أو السائق الخاص، وتقدر ب100 ريال عن كل يوم تأخير، بالإضافة إلى أنه في حال عدم ملاءمة العاملة المنزلية أو رفضها للعمل خلال مدة التجربة المحددة ب3 أشهر يتم تعويض المكتب بعاملة بديلة. التكاليف الفعلية على المكاتب توصلت «الوطن» إلى معرفة التكلفة الفعلية لإرسال العمالة المنزلية، حيث تقدر تكلفتها ما بين 1500 و2000 دولار على العاملة الواحدة (5625 - 7500 ريال)، في وقت أبانت المصادر أن السماسرة الذين يقومون بجلب الراغبات في العمل بدول الخليج من العاملات المنزليات لمكاتب الإرسال، يطالبون بمبالغ تصل في بعض الأحيان إلى ألف دولار (3750 ريالا)، وذلك في حال كان السمسار هو من يقوم بتوفير السكن لهن، خصوصا للواتي من خارج مانيلا، أما إذا كان السكن على المكتب فيأخذ السمسار بحدود 650 دولارا (2437 ريالا). تكلفة السكن والتذاكر أضافت المصادر «تقوم مكاتب إرسال العمال إلى الخارج في مانيلا بتوفير مقر لسكن العاملات اللواتي من خارج العاصمة»، مشيرة إلى أن تكلفة العاملة الواحدة في السكن تقدر ما بين 250 و350 دولارا (937 - 1312 ريالا) لمدة تقدر ب45 يوما. وأبانت المصادر أنه بعد وصول عقد العاملة المنزلية من قبل المكتب السعودي، يتم إدخاله إلى مكتب العمل مع إرفاق شهادة الخلو من السوابق ودخولهن إلى مركز التدريب والفحص الطبي، مبينة أن التكلفة تقدر بحدود 250 دولارا (937 ريالا). وأكدت المصادر أن أغلب مكاتب إرسال العمالة في مانيلا لديها خصومات، خاصة من شركات الطيران لا تتجاوز سعر التذكرة الواحدة 320 دولارا (1200 ريال). العمل تحت مظلة مكتب فلبيني يأتي ذلك في وقت تبين ل«الوطن» خلال جولتها على مكاتب إرسال العمالة الفلبينية للخارج، أن بعض المكاتب تقوم بعملية تعرف ب«التاي أب»، وهي تتمثل في تمكين شخص ليس بصاحب الترخيص بتأجير طاولة داخل المكتب ليقوم بدوره بتولي مهمة الاتفاقيات مع المكاتب السعودية. ويرى البعض ممن التقت بهم «الوطن» أن هذا العملية قد لا تؤثر على المكتب السعودي بقدر ما قد تسببه من مشاكل على صاحب المكتب الفلبيني في حال لم يلتزم مستأجر «التاي أب» مع المكتب السعودي. عرب مانيلا من جانب آخر، لاحظت «الوطن» خلال جولاتها على المكاتب، وجود مقيمين عرب يعملون في مكاتب إرسال العمال إلى خارج الفلبين لحسابهم من خلال «تاي آب» التأجير وهم من 4 جنسيات «عراقية- فلسطينية- سودانية- سورية». وبالرغم من أنه يحق لصاحب المكتب الفلبيني الاتفاق مع المكاتب السعودية دون تحديد عددها، إلا أن المكاتب السعودية لا يحق لها الاتفاق مع أكثر من مكتبين، وفي حالات خاصة يتم السماح لها بعملية الاتفاق مع مكتب ثالث شريطة أن يكون استقدم أكثر من 300 عاملة منزلية إلى المملكة. إجراءات السفارة السعودية كانت السفارة السعودية في مانيلا قد بدأت مطلع العام الحالي باتخاذ إجراء جديد يحسب لها، إذ تقوم السفارة قبل إصدار التأشيرة لأي شخص يريد العمل في المملكة، بأخذ «البصمة» للتأكد من صاحبها وعدم خلوه من أي موانع لدخول المملكة، حيث كان في السابق يتم إصدار تأشيرة للعاملة وعند وصولها لمطارات المملكة يتم التأكد منها ويسمح لها بالدخول أو تغادر في ذات الطائرة، مما يسبب خسائر لمكاتب الاستقدام السعودية، فضلا عن انتظار صاحب العمل لوقت أطول مما هو متفق عليه. وبالرغم من وجود موقع إلكتروني لوزارة العمل في المملكة، إلا أن عقود العمالة تكون عبر مكتب العمل الفلبيني «بولو» التابع لسفارة الفلبين ومكاتب وزارة العمل الفلبينية في مانيلا، وهي من تقوم بإصدار الأوامر على المكاتب السعودية وإيقافها في بعض الأحيان، مما يدل على ضعف تلك المكاتب دون دور يذكر لوزارة العمل السعودية في الداخل لحل الوضع في حال نشب خلاف بين سفارة مانيلا مع المكتب السعودي.