أجمع مراقبون في تصريحات إلى «الوطن»، على أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للولايات المتحدة الأميركية سلّطت الضوء على مدى عمق ومتانة وأهمية العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرين إلى النجاح المبكر للزيارة، والتي شهدت توثيق التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية، إلى جانب توافق وجهات النظر حول القضايا الإقليمية ومكافحة الإرهاب. وأكد زميل في المجلس القومي للعلاقات الأميركية العربية في واشنطن، فهد ناظر، أن الزيارة شهدت تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعماء الكونجرس ورؤساء الشركات، على الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في العالمين العربي والإسلامي، خاصة في مكافحة الإرهاب والتطرّف والعناصر المزعزعة للأمن والاستقرار، وعلى رأسها إيران. طول الزيارة عن طول زيارة ولي العهد التي تستمر 3 أسابيع، يزور خلالها عدة مدن أميركية عقب زيارته البيت الأبيض في العاصمة واشنطن، والتي تعد الأولى من نوعها لزعيم سياسي، أوضح ناظر أن تعدد المدن الأميركية التي سيقوم بزيارتها ولي العهد، تشير إلى أنه سيتناول فرصا كثيرة للتعاون بين البلدين في عدة مجالات. وعن رؤية السعودية 2030، أوضح ناظر أن السياسيين الأميركيين ورؤساء الشركات وراود الأعمال أشادوا برؤية المملكة التي تحدث عنها سمو ولي العهد بكل وضوح، وعن أهميتها كنقلة نوعية لاقتصاد المملكة تجاه مستقبل مشرق ليس للمملكة فحسب، وإنما للعلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية بين المملكة والولاياتالمتحدة. علاقات قوية من جهته، أكد رئيس منظمة سابراك الأميركية، سلمان الأنصاري، أن العلاقات السعودية الأميركية في أقوى حالتها، وهي علاقة استمرت وما زالت شاهدا عليها 14 رئيسا للولايات المتحدة، و7 ملوك للمملكة العربية السعودية، مما يعني قوتها وصلابتها رغم كل التغيرات في خارطة السياسة العالمية، منذ أربعينات القرن الماضي وحتى اليوم، مستدلا بما وصفه ولي العهد في البيت الأبيض، بأن هذه العلاقة «القديمة والإستراتيجية والعميقة». التحرك بعمق أضاف الأنصاري قائلا، الولاياتالمتحدة لا يمكن التعامل معها من لقاءات في واشنطن فقط، فهي دولة ضخمة جغرافيا، وكبيرة ومتنوعة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لذا لا بد من التحرك بعمق، وعلى كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، لذا فترة 3 أسابيع هي فترة للوقوف على التفاصيل كافة في واقع ومستقبل هذه العلاقة التي تحاول قوى إقليمية كثيرة التأثير عليها. وذكر الأنصاري، نحن هنا نتحدث عن علاقات تضم بواقعية سياسية شديدة أكبر دولتين، الأولى على مستوى العالم وهي الولاياتالمتحدة، والثانية على المستوى العربي والإسلامي والإقليمي وهي المملكة العربية السعودية، وما بين البلدين من اتفاقيات وصفقات وفرص استثمارية تزيد قيمتها عن 4 مليارات دولار، وهو رقم يستوجب الوقوف على تفاصيله لقاءات وأيام كثيرة، وهذا ما يفعله ولي العهد في الوقت الحالي. المحطة الثالثة أكد الأنصاري أن اختيار نيويورك كثالث محطة لولي العهد، لأنها مدينة تمتلك أهمية كبيرة، قائلا «هي من أهم المدن ليست الأميركية فحسب، بل هي من أهم المدن السياسية والمالية على المستوى الدولي، خاصة أنها تحتضن أكبر مؤسسة أممية عالمية، وهي الأممالمتحدة، ويوجد بها كبار صناع المال في العالم. ومن جانبه، أشار ناظر إلى أن نيويورك تعدّ بمثابة العاصمة التجارية، ووجود ولي العهد سيفتح آفاقا جديدة من التعاون المشترك في عدة مجالات. نقل التكنولوجيا قال الأنصاري «من المعروف أن ولايات أو مدن الساحل الغربي مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو في ولاية كالفورنيا، أو أقصى الشمال الغربي مثل سياتل، هي أهم المدن والولايات الأميركية، وبالتالي على مستوى العالم في مجالات الاقتصاد، خاصة الاقتصاد المعرفي أو شركات الطاقة أو التعليم والبحث العلمي والتعليم الجامعي، وجميعهم من أهم أهداف رؤية المملكة 2030، والتي يسعى ولي العهد إلى نقل تكنولوجياتها وتوطين صناعاتها في المملكة، لذا هي جولة تمثل في العمق الملف الاقتصادي كنقطة ارتكاز رئيسة فيها». دعم المملكة أضاف الأنصاري، بأن نتائج الزيارة تبدو فيما أعلن عنه الكونجرس من دعم جهود المملكة العربية السعودية في اليمن، والاتفاق على إدانة التحركات الإيرانية في المنطقة، والأهم هو الاتفاق على خطة لمواجهة هذه التدخلات ومنعها، وهو ما سنلمسه في الفترات المقبلة القليلة، خاصة تجاه ما تمثله طهران من تهديدات واضحة على الأمن الإقليمي وأمن الممرات البحرية العالمية في باب المندب والخليج العربي. نجاح مبكر أشار الأنصاري إلى أن الزيارة -كما هو واضح في المشهد- فقد نجحت في أيام قليلة من توضيح وكشف كثير من نقاط الالتباس، ليس بين الحكومتين السعودية والأميركية، بل أمام الرأي العام الأميركي، ورجال المال والأعمال في الولاياتالمتحدة الذين كانت تشغلهم كثير من الأسئلة حول رؤية المملكة 2030، وغيرها من الأمور التي أوضحها بجلاء وعمق سمو ولي العهد، سواء عبر لقاءاته مع رؤساء كبريات الشركات الأميركية، أو مع أعضاء في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أو عبر حوارات صحفية، أو في حفل العلاقات السعودية الأميركية، والذي نظمته سفارة المملكة في واشنطن. مؤشرات النجاح تأكيد الرئيس الأميركي ترمب وزعماء الكونجرس ورؤساء الشركات، على الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في العالمين العربي والإسلامي، خاصة في مكافحة الإرهاب. إعلان الكونجرس دعمه لجهود السعودية في اليمن، والاتفاق على إدانة التحركات الإيرانية في المنطقة، وكذلك الاتفاق على خطة لمواجهة هذه التدخلات ومنعها. التأكيد على ما تمثله طهران من تهديدات واضحة على الأمن الإقليمي وأمن الممرات البحرية العالمية في باب المندب والخليج العربي التوافق حول رؤية المملكة 2030 وغيرها من الأمور الذي أوضحها بجلاء ولي العهد، خلال لقاءاته كبار المسؤولين الأميركيين، أو عبر حوارات صحفية. ما شهدته الزيارة من توقيع اتفاقيات وصفقات وفرص استثمارية، ستبرز أهميتها خلال الفترة المقبلة.