في مقابلة وجدت أصداء واسعة الانتشار أجريت أول من أمس في قصره بالرياض، وصف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الموجة الجديدة من الإصلاحات الت تشهدها المملكة بأنها جزء من العلاج ب«الصدمة» الذي يُعد ضروريا لتطوير الحياة الثقافية والسياسية. أجرى المقابلة الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ديفيد أغناطيوس. وبدأ ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما، الحوار قبل منتصف ليلة يوم الإثنين، في نهاية اليوم الذي أُصدرت فيه الأوامر الملكية التي تناولت تغييرات في الجيش السعودي، وفي بعض أمراء المناطق ونوابهم، وأمرت بتعيين امرأة في منصب وزاري، وهي تماضر بنت يوسف الرماح التي عينت نائبة لوزير العمل. ولأكثر من ساعتين، ناقش الأمير محمد بن سلمان حملاته ضد الفساد والتطرف، وكذلك إستراتيجيته للمنطقة. تفاؤل بالمستقبل قال ولي العهد إنه يحظى بالدعم، ليس فقط من قِبل الشباب السعودي، وإنما أيضا من أفراد العائلة المالكة. كما وصف التغييرات الأخيرة بأنها «جوهرية لتمويل تنمية المملكة ومكافحة أعدائها، مثل إيران». وقال أغناطيوس، خلال زيارتي القصيرة إلى المملكة، كان المستحيل تقييم مدى نجاح إصلاحات الأمير محمد بن سلمان، وبالتأكيد، هنالك نضوج ثقافي: «تخبر النساء الزوار بنوع السيارات التي يرغبن بشرائها عندما يُسمح لهن بالقيادة في يونيو، افتتاح صالات رياضية جديدة للنساء، تعمل سيدات الأعمال في عربات الأطعمة، وتحضر مشجعات الرياضة من النساء مباريات كرة القدم العامة. قد يتواجد بعض المعارضين المحافظين بشكل خفي، ولكن الاستطلاع المستقل الذي قامت به شركة إبسوس على السعوديين المنتمين لجيل الألفية في عام 2017 كشف أن 74 % كانوا متفائلين بشأن المستقبل، وأن أكثر مخاوفهم كانت من ارتفاع الأسعار والبطالة والفساد. أهداف العصرنة يكمل أغناطيوس «تحدث الأمير محمد بن سلمان باللغة الإنجليزية بشكل كامل، بينما في مقابلتين سابقتين أجريتها معه، تلقى الأسئلة باللغة الإنجليزية وأجاب باللغة العربية. ورفض المخاوف التي تعتري بعض المؤيدين في الولاياتالمتحدة بشأن خوضه صراعات على جبهات كثيرة جدا، وقيامه بالمخاطرة في كثير من الأحيان، قائلا إن «اتساع وتيرة التغيير وسرعتها يعتبران ضروريين للنجاح». وقال ولي العهد إن التغييرات التي أعلنها والده الملك سلمان مساء الإثنين، هي جهود لتوظيف الأشخاص أصحاب «الطاقة العالية» الذين يستطيعون تحقيق أهداف العصرنة. العمل مع الطموحين أضاف الأمير محمد بن سلمان «نريد العمل مع الطموحين». ونصت الأوامر الملكية على تعيين أمراء من الجيل الشاب في مناصب في المناطق الرئيسة، منها تعيين الأمير تركي بن طلال نائبا لأمير عسير، حيث يشير هذا التعيين إلى التوافق داخل العائلة المالكة، إذ إن شقيقه الأمير الوليد بن طلال كان من بين ال381 الذين تم استدعاؤهم بتهم فساد في نوفمبر الماضي، (وأطلق سراحه لاحقا). وأنهى الأمير محمد بن سلمان خدمات رئيس هيئة الأركان في وزارة الدفاع وعين قادة عسكريين جددا، وقال إنه تم التخطيط لذلك منذ عدة سنوات من أجل الحصول على نتائج أفضل للإنفاق السعودي على وزارة الدفاع. وقال إن ترتيب الجيش في المملكة، التي تملك رابع أكبر ميزانية للدفاع في العالم، يقع في المرتبة ما بين ال20 أو ال30 في قائمة أفضل الجيوش في العالم. وتحدث عن خطط طموحة لحشد اليمنيين ضد الحوثيين وداعميهم الإيرانيين في اليمن. كبح التطرف قال الأمير محمد بن سلمان بأن «الصدمة» كانت ضرورية أيضا لكبح التطرف، وهي محاولة لإعادة تطبيق الممارسات التي طبقت في عصر النبي محمد صلى اللع عليه وسلم. وقال ولي العهد إنه تعرض لانتقادات غريبة لضغطه على رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاستقالة في نوفمبر. وأضاف «إنه الآن في وضع أفضل» في لبنان، مقارنة بميليشيا حزب الله المدعومة من إيران. ووصل الحريري إلى المملكة أمس لإجراء محادثات. ويشبه مناصرو الأمير محمد بن سلمان أحيانا مساعيه لتوطيد السلطة بالملك عبدالعزيز بن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، ولكن الأمير محمد بن سلمان يرفض هذه المقارنة، مضيفا إليها لمسة عصرية: «لا يمكنك تصنيع هاتف ذكي جديد. فلقد فعلها ستيف جوبز مسبقا. ما نحاول فعله هنا هو شيء جديد». العلاج بالصدمة قال الأمير محمد بن سلمان إن حملته ضد الفساد في نوفمبر كانت مثالا على العلاج بالصدمة الذي تحتاجه المملكة بسبب الفساد المستشري. وأضاف إن ذلك مثل أن: «يكون لديك جسد مصاب بالسرطان في كل أعضائه، سرطان الفساد، عليك استخدام العلاج الكيماوي، وإلا فإن السرطان سيلتهم الجسم». وأردف قائلا، إن «المملكة لن تتمكن من تحقيق أهداف الميزانية دون وضع حدٍّ لهذا النهب». وتابع ولي العهد إنه شخصيا يتذكر الفساد، حيث حاول الأشخاص استخدام اسمه وعلاقاته التي بدأت في أواخر سن المراهقة. «لقد كان الأمراء الفاسدون قلة، ولكن الجهات الفاعلة السيئة حظيت باهتمام أكبر. لقد أضرت بقدرة العائلة المالكة». وقد تم إطلاق سراح جميع المعتقلين، ما عدا 56 شخصا، بعد تسوية أوضاعهم. وأضاف «معظمهم يدركون أنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة، وقد قاموا بالتسوية».