نظمت مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع جامعة القديس يوسف في بيروت، محاضرة بعنوان «أوزان اللغات في العالم وموقع اللغة العربية»، ألقاها مؤلف الكتاب العالِم اللغوي الفرنسي البروفيسور لويس - جان كالفي، وقدم لها رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت البروفيسور سليم دكاش، والمدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفيسور هنري العويط، وأدار حلقة النقاش التي تلت المحاضرة البروفيسور جرجورة حردان الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية اللبنانية لدى المنظمة الدولية الفرنكوفونية، ومُترجم الكتاب الدكتور جان جبور. أزمة العربية استهل الندوة دكاش فأكد أن لويس- جان كالفي يرصد حالات انحسار وتدفق اللغات، مع قناعة واحدة ألا وهي أن كل اللغات لا تتمتع بالقيمة نفسها في «سوق اللغات»، وأن العولمة تؤدي إلى تخفيض قيمة بعض اللغات لصالح لغات أخرى، فهناك لغات تجعل التواصل ممكنا في كل مكان، كالإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، وهناك لغات مجال استخدامها ضيق ومحلي، وبالتالي هناك قيمة سوقية للغات، وهذا هو أثر العولمة الرئيسي على اللغات. وسأل دكاش ما هو مستقبل اللغة العربية في خضم العولمة الاقتصادية والسوقية؟ وكيف تستعيد حيويتها؟ وأكد أن لغتنا تمر بأزمة تكيف وأزمة علائقية مع الحداثة، هي التي كانت في العصور الوسطى لغة العلوم والثقافة. وأشار إلى أن العربية تعاني التمايز بين الفصحى والعامية المتداولة يوميا، وبعدها في مسافتها الثقافية عن الحياة اليومية التي يعيشها الناس. وخلُص إلى أن أزمة اللغة العربية هي أزمة هوية الوطن أو العالم العربي غير القادر على التحالف سياسيا، والتعاون اقتصاديا، والإنتاج المشترك لثقافة بشرية وعلمية تتكيف مع زمننا. معايير اللغوي وتحدث العويط عن المعايير التي يستخدمها العالِمَ اللغوي اللامع لويس- جان كالفي لقياس أوزان اللغات عامة، ووزن اللغة العربية على وجه الخصوص، ورأى أنه قد لا ينعقد حولها الإجماع، وهي قابلة للمساءلة والمراجعة والنقاش. ولكن دعوني أؤكد أيضا أن قراءة الكتاب الذي تولت مؤسستنا ترجمته إلى العربية، أيا يكن رأينا في محتواه، وأن التمعن في السؤال «كيف نحدد موقع اللغة العربية»، الذي اختاره البروفيسور كالفي عنوانا لمحاضرته، أيا يكن موقفنا من الأجوبة التي سيعطيها، من شأنهما أن يحملانا على التبصر في ما تثيره أوضاع اللغة العربية من إشكالات، وما تواجهه لغتنا من تحديات في زمن العولمة. وأشاد العويط بجهود تبذلها دول وجامعات ومراكز أبحاث ومجامع لغوية، في خدمة اللغة العربية والناطقين بها، لافتا إلى أن مؤسسة الفكر العربي قد أنجزت عددا من الدراسات، وأطلقت سلسلة من المبادرات والمشاريع، وفي طليعتها التقرير المرجعي «لننهض بلغتنا: مشروع لاستشراف مستقبل اللغة العربية»، ومشروعها الطموح «عربي 21»: الإسهام في تطوير تعلم اللغة العربية وتعليمها. وأكد أن ما تقوم به مؤسستنا، وما تقوم به جهات عربية أخرى كثيرة، ضروري ومفيد، لكنه لا يكفي إن كنا جادين حقا، لا في السعي إلى حماية اللغة العربية والحفاظ عليها فحسب، في إطار حرب اللغات الضروس، بل في سعينا أيضا إلى تعزيز تداولها في النطاق العربي، وتحسين موقعها على خريطة العالَم اللغوية، وزيادة ما تتمتع به من قيمة ووزن.