اشتدت المضاربة على عقود النفط في الأسواق الدولية إذ بدأت الأسعار في خط تصاعدي خلال اليومين الماضيين مما جعل كبار المحللين يتوقعون وصوله إلى 100 دولار خلال الأشهر الأولى من العام المقبل ، خصوصا بعد أن تمسكت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بمستويات الإنتاج الحالية . ولكن لا أحد في صناعة النفط يريد أن يرى سعر البرميل يتجه فوق 90 دولاراً ، خصوصا وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي الذي يرى أن العرض والطلب في السوق متوازنان ، وأن السعر العادل للنفط سيكون ما بين 70 و 80 دولارا ، ما لم تبق الأسعار فوق 100 دولار لفترة طويلة وهو الأمر الذي لا يتوقع حدوثه بعض المحللين. مع أن بقاء أسعار النفط مرتفعة يمثل دخلا إضافيا لدول أوبك ، ويساعد الدول التي ترتبط عملتها بالدولار مثل المملكة على تعويض تراجع سعر صرف الدولار "الضعيف" أمام العملات الرئيسة الأخرى. وبدأت الأسواق في الهلع تدريجياً مع وصول عقود النفط الآجلة إلى 90 دولارا للبرميل أمس ، كما توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الأياتا) أمس تراجع أرباح شركات الطيران العالمية بنسبة 40% في العام المقبل بسبب الضرائب وارتفاع أسعار النفط التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عامين هذا الشهر. وتتجه الأنظار نحو أوبك لضخ المزيد من النفط في السوق حتى لا تشتعل المضاربة عليه حيث يتوقع المضاربون زيادة الطلب على النفط فيالعام المقبل مع تعافي الاقتصادات العالمية ، وتوقع ارتفاع الطلب الصيني بصورة كبيرة في الوقت الذي دخل فيه فصل الشتاء في الولاياتالمتحدة وأوروبا مما يعني احتمالية تراجع انتاجه بسبب المناخ. وكان النعيمي قد أوضح في اجتماع أوبك السبت الماضي أن دول المنظمة لن تحتاج لضخ المزيد من النفط في السوق أو إلى الاجتماع مرة أخرى قبل يونيو المقبل. والمملكة هي الدولة الوحيدة في أوبك القادرة على ضخ كميات كبيرة في السوق لأن لديها سعة احتياطية تصل إلى 3 ملايين برميل يومياً لا يتم ضخها إلى السوق. ويقول كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون أسفاكيانكيس في تصريحات إلى "الوطن" أمس إن وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل لن يجعل المملكة تتحرك لضخ المزيد من النفط في السوق مالم يكن هذا الارتفاع سيدوم لشهور. وأضاف: "إذا وصلت أسعار النفط إلى 100 دولار فهذا لا يعني إلا أمراً واحداً وهو أنها ارتفعت بفعل المضاربة لأن العرض والطلب متوازنان في السوق حالياً وكل أوبك تعلم هذا الأمر." وقال: "المضاربون يريدون العودة بنا إلى عام 2008 ومستوى 147 دولارا للبرميل وتصريحات البنوك الاستثمارية والمحللين الآن هي نفسها في ذلك الوقت." واشتعلت المضاربة على عقود النفط الآجلة في يناير أول أمس بعد أن نادت كبرى البنوك الاستثمارية وشركات أبحاث الطاقة في العالم بضرورة تحرك أوبك لزيادة الإنتاج خاصة أن سعر النفط تجاوز 90 دولارا وهو أعلى مستوى له منذ سنتين وهذا السعر من المتوقع أن يزداد خاصة أن الصين أعلنت أمس أنها لن ترفع أسعار الفائدة مما يعني أن الاقتصاد الصيني سيكون لديه سيولة كافية لزيادة الاستهلاك وهو ما تتم ترجمته دائماً إلى ارتفاع في استهلاك النفط. وأوضح مصرف جولدمان ساكس أمس أن النفط متوجه نحو 100 دولار للبرميل خلال النصف الأول من 2011 مالم تضخ أوبك المزيد من النفط في السوق نظراً لعودة الطلب بفضل تحسن النمو العالمي وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى مخزونات النفط عالمياً هذا العام. وقال رئيس وحدة الأبحاث في مصرف ميريل لينش الأميركي فرانسيسكو بلانش لوكالة بلومبيرج أول من أمس إن على المملكة أن تتدخل لضخ المزيد من الإمدادات في السوق لأن هناك ضغوطاً تصاعدية على أسعار النفط ستدفعه إلى مستوى 100 دولار. وقال محلل النفط ليو درولاس وهو كبير الاقتصاديين في مركز دراسات الطاقة العالمي في لندن إن وصول النفط إلى 100 دولار سيكون دافعا لتحريك المملكة ودول أوبك لفعل شئ. وأضاف دولارس في تصريحات نشرتها وكالة بلومبيرج أمس أن أجراس الإنذار بدأت تدق الآن خاصة إذا ما دخل شتاء قارس يقلل من إنتاج النفط من الحقول في العالم قد يدفع بالنفط إلى تجاوز 100 دولار . وترى بعض الدول في أوبك مثل فنزويلا وإيران أن سعر النفط عند 100 دولار "عادل" لتعويض الدول المصدرة عن تراجع أسعار الدولار الضعيف. وصرحت الكويت أمس أنها تريد سعراً بين 75 و 90 دولارا للنفط خلال هذا الشهر. وتوافق هذا المعدل مع تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية للنفط كريستوف دو مارجري أول من أمس في قطر الذي يرى أن الأسعار بين 70 و 90 دولارا عادلة ولن تضر الاقتصاد العالمي. ولكن كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي عاد ليقول إن بقاء النفط عند 100 دولار سيضعف من قدرة الاقتصاد العالمي على التعافي وهو أمر لا تريده المملكة. وأضاف أسفاكياناكيس أن سعر صرف الدولار بدأ في التحسن في الأسبوعين الماضيين لأن اليورو بدأ في التراجع بسبب الأزمة الأوروبية وهذا الوضع سيستمر خلال العام المقبل .