دخل الإغلاق الجزئي للإدارات الفيدرالية الأميركية حيز التنفيذ، صباح أمس، بعد فشل محاولة التوصل إلى تسوية حول الميزانية على الرغم من المفاوضات المكثفة بين الجمهوريين والديمقراطيين وتدخل الرئيس دونالد ترمب. وأوقفت الحكومة الأميركية أنشطتها بدءا من منتصف ليل الجمعة، بعد أن فشل الديمقراطيون والجمهوريون في التوصل لاتفاق بشأن ميزانية تمويل الحكومة الاتحادية جراء خلاف مرير بين الحزبين بشأن الهجرة وأمن الحدود. وقالت صحيفة «التايمز» البريطانية، إن رفض مجلس الشيوخ لتمرير مشروع قانون جديد للإنفاق، يعني أن العديد من العاملين الحكوميين غير الأساسيين سيُطلب منهم البقاء في منازلهم إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن التمويل، لافتة إلى أن الإغلاق لا يعني توقف عمل كافة المؤسسات الفيدرالية التي تمول من قبل الحكومة الأميركية، ولكنه يقتصر على المؤسسات غير الضرورية. وذكر معارضو الميزانية أن فشل تحقيق التوازن في الإنفاق لن يكون سوى مقدمة لإجراء مزيد من المفاوضات في الموعد النهائي في 16 فبراير المقبل. فشل المفاوضات في جلسة استمرت حتى منتصف الليل لم يقر أعضاء بالكونجرس اتفاقا بشأن ميزانية مؤقتة لتمويل الحكومة حتى 16 فبراير المقبل، وكان مشروع القرار بحاجة إلى موافقة 60 صوتا في مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو، إلا أنه لم يحصل إلا على موافقة 50 صوتا فقط. وعارض معظم أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين مشروع القرار بعد فشل جهودهم لكي يتضمن حماية مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين صغار السن الذين يطلق عليهم (الحالمون). وفشلت المفاوضات التي أجراها ميتش مكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، وتشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، في التوصل لاتفاق قبل انتهاء مهلة منتصف الليل، وأصبحت الحكومة بلا تمويل من الناحية الفنية بحلول منتصف الليل. وتوقفت أنشطة الحكومة أمس مع حلول الذكرى الأولى لتنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة. تعطيل الأنشطة قال البيت الأبيض في بيان «الليلة أعطوا السياسة الأولوية على الأمن القومي وعلى أسر العسكريين والأطفال الضعفاء وعلى قدرة بلادنا على خدمة جميع الأميركيين». وأضاف أنه لن يتفاوض على الهجرة إلى أن تستأنف الحكومة أنشطتها مرة أخرى. وتابع «لن نتفاوض على وضع المهاجرين غير القانونيين في الوقت الذي يحتجز فيه الديمقراطيون مواطنينا الشرعيين رهائن لمطالبهم التي تتسم بالرعونة، هذا تصرف خاسرين معوقين وليس تصرف مشرعين». وفي المقابل أشار شومر بأصابع الاتهام مباشرة إلى ترمب. وقال «كما لو كنتم تسعون لتعطيل الأنشطة، وهذا ما حدث الآن وسيقع اللوم برمته على الرئيس ترمب». وإلى أن يتم التوصل لاتفاق بشأن ميزانية الحكومة سيتوقف العديد من الوكالات الاتحادية في أنحاء البلاد عن العمل، وسيحصل مئات الآلاف من العاملين الاتحاديين «غير الأساسيين» على عطلة مؤقتة غير مدفوعة الأجر. حماية الحالمين مرر مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون إجراء بتمويل بديل مؤقت يوم الخميس، إلا أن الجمهوريين احتاجوا آنذاك لدعم 10 ديمقراطيين على الأقل لتمرير مشروع القرار في مجلس الشيوخ. ورغم أن خمسة ديمقراطيين صوتوا لصالحه في نهاية الأمر، إلا أن خمسة جمهوريين صوتوا ضده. وطالب زعماء الديمقراطيين بأن يتضمن الاتفاق حماية (الحالمين) من الترحيل، وهم نحو 700 ألف مهاجر لا يحملون وثائق وصلوا للولايات المتحدة وهم أطفال. لكن رغم المفاوضات بين الحزبين يرفض زعماء الجمهوريين ذلك، ولا يبدي أي جانب استعداده للتراجع. حزمة تشريعية أصر مكونيل وشومر على أنهما ملتزمان بالتوصل لاتفاق يعيد الحكومة إلى العمل بأسرع وقت ممكن. ورفض ترمب الأسبوع الماضي اقتراحا للحزبين، وقال إنه يريد ضم أي اتفاق بشأن (الحالمين) لحزمة تشريعية أكبر ستعزز أيضا تمويل بناء جدار حدودي، وتشديد الإجراءات الأمنية عند الحدود الأميركية مع المكسيك. والتقى شومر بترمب عصر الجمعة، وقال في وقت لاحق إنه وافق على مضض على ضم الجدار الحدودي للمفاوضات، ولكن ذلك لم يكن كافيا لإقناع ترمب بالتوصل لتسوية. ودعا شومر أيضا ترمب وزعماء الحزبين إلى مواصلة المفاوضات أمس. توتر الأسواق المالية سيواصل الموظفون «الأساسيون» الذين يتعاملون مع الأمور المتعلقة بالسلامة العامة والأمن العام العمل في ظل توقف أنشطة الحكومة. وسيتضمن ذلك أكثر من 1.3 مليون شخص في الجيش سيكونون مطالبين بالعمل دون الحصول على أجر إلى أن يتم تمديد أو التوصل لاتفاق جديد بشأن ميزانية تمويل الحكومة. ورغم أن عمليات إغلاق الحكومة في الماضي لم تسبب ضررا دائما على نحو يذكر للاقتصاد الأميركي، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى توتر الأسواق المالية.