عمر القعيطي ما أشبه الليلة بالبارحة، قبل عدة أعوام وتحديدا عام 2011، اجتاحت بعض الدول العربية احتجاجات شعبية مطالبة بتنحي حكومات هذه البلدان ومغادرتها لسدة الحكم، فيما سمي حينها بالربيع العربي، وهي معروفة ولا داعي لذكرها، ولاقت هذه الحركات مساندة من بعض الدول ومنها من كان متخفيا ويدعم خلف الكواليس عن طريق أذرعته في تلك الدول مثل إيران، ومنها ما كان علنيا أو شبه علني مثل قطر التي جندت قناتها الناطق الرسمي قناة الجزيرة، والتي تغطي هذه الأحداث بشكل مباشر وترعاها، وتستضيف المحللين السياسيين ممن يجيدون تلميع هذه الأعمال وإبرازها وتضخيمها، بل وصل بها الأمر لاستحداث قنوات مباشرة تخص بعض الدول. والآن وبعد أكثر من 6 أعوام وفيما يبدو أن السحر بدأ ينقلب على الساحر، وهذه المرة أتت الأخبار من هناك حيث ولاية الفقيه، وبدأ الشعب الإيراني أو كما يستحق أن يطلق عليه (أكثر شعوب الأرض صبرا) لكونه تحمل الكثير من حكامه الديكتاتوريين الجدد، وهم يسرقون ثورته التي أطاح من خلالها بالشاه في سبعينات القرن الماضي، ويقتلون كل حلفائهم ويزجون بهم في السجون لينفردوا بالسلطة والقرار، لتأتي الآن موجة الغضب في الكثير من المدن الإيرانية بعدما طفح الكيل وزادت أعباء الحياة، في ظل عدم اكتراث حكام إيران وملاليه الذين لا هم لهم سوى زيادة أرصدتهم وتعبئة الكراهية في الدول التي تقبع تحت سيطرة أتباعها وأذرعتها، ونشر الطائفية البغيضة بين أطياف المجتمع الواحد، وزعزعة الأنظمة في هذه الدول، ونشر الفوضى وتكريس البعد المذهبي، ومن أجل ذلك تدفع الأموال الباهظة على حساب الإنسان الإيراني البسيط وتنميته، وتدنى المستوى المعيشي ودخل الفرد على الرغم من الدخل الذي تجنيه الحكومة الإيرانية من تصدير النفط وغيره من الإيرادات، التي تفنن نظام الملالي الكهنوتي البغيض في توزيعها على أعوانه في الخارج من حزب الله والحوثيين وغيرهما، وكل ذلك على حساب المواطن الإيراني. والشيء الذي يدعو للاستغراب أن كل ما رأيناه ورآه العالم كله على شاشات الأخبار لم تذكره القناة التي حرضت في السابق، ولا حتى إشارة من بعيد، في عمل مناف للأعراف المهنية، وقيم ومبادئ الإعلام التي تستوجب قول الحقائق حتى وإن اختلفت معها، ومع دخول الأيام واستمرار الأعمال الوطنية لأحرار إيران بدأت تبث الأخبار مكرهة، وإن كانت بطريقة دس السم في العسل عن طريق إظهار الجموع المتظاهرة بأنهم مسلحون وخارجون عن القانون، ولتخسر المزيد من متابعيها الذين يتضاءلون يوما بعد الآخر، بعدما انكشف القناع وظهرت الحقائق للعيان. ما أقدم عليه الشعب الإيراني في الفترة الماضية من خروج للشارع وفي أكثر من 100 مدينة إيرانية بما فيها معقل الملالي في مشهد وقم ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج ما يعانيه من ظلم وقهر وفقر وبطالة وتكميم الأفواه طوال 40 عاما، ظل نظام الملالي جاثما على صدور الإيرانيين، لتأتي الآن ساعة الحسم وإعادة الحقوق المشروعة وتصحيح مسار الثورة المختطفة.