يعكف الفنان المغربي يونس الشاعر، على رسم لوحات فنية تحاكي تفاصيل الحياة اليومية في قريته الواقعة بالضاحية الشرقية لمدينة طنجة أقصى شمالي البلاد، بواسطة خيط من الحرير وأداة تشبه المبرد، يونس ناهز الستين من عمره، يقضي معظم وقته في منزله الكائن بقرية «زرارع» المطلة على مضيق جبل طارق، الفاصل بين إفريقيا وأوروبا، هناك يسترق من الزمن لحظات إبداع تفرز لوحات تشكيلية من الحرير، بمواضيع مختلفة، عادة ما تلاقي إعجابا واسعا من قبل متابعيه. ويعتبر مشهد الضفة الشمالية للمضيق التي تتراءى بوضوح من نافذة منزل يونس، بين المشاهد التي ألهمت الفنان المغربي في أعماله التشكيلية، وتبرز معالمها في لوحاته التي استوحت مواضيعها من كل مكان بمنزله وخارجه، حيث تؤثث الجدران مجموعة لوحات مرسومة بخيط الحرير، مثلها مثل أعمال عديدة تبرز طبيعة المنطقة القروية التي يقطنها. وفي حديث للأناضول، عاد يونس على بداياته في عالمه الخاص: «تعلمت هذه المهارة من بعض أصدقائي خلال إقامتي في إسبانيا لسنوات طويلة»، مما منحه أسرار الإبداع في إنجاز الأعمال التشكيلية، وصقلت موهبته الكامنة فيه منذ الصغر. لوحة تحاكي صورة امرأة قروية مستغرقا في بياض ورقة وضعها أمامه، يضيف: «منذ نعومة أظفاري، كنت مولعا بالإبداع وإنجاز أعمال خاصة بي». على ذلك البياض الرائق، يخط يونس رسما عاديا بواسطة قلم رصاص، ثم يقوم بوضع أشرطة لاصقة على أجزاء الرسم، قبل أن يزيلها بشكل تدريجي، لتتشكل الملامح الأولى لرسمه. بعد ذلك، يبدأ يونس في تلوين رسمه باستعمال خيط الحرير بمختلف الألوان، موظفا في ذلك أداة تشبه المبرد في تثبيته جيدا على الأجزاء التي علقت بها المادة اللاصقة، لينتهي الأمر إلى تشكيل لوحة تحاكي صورة امرأة قروية، بزيها المكون من منديل مخطط بالأحمر والأبيض وقبعة نباتية، غالبا ما تشتهر به نساء قرى شمالي المغرب. ويشير يونس إلى أن الكثير من أعماله التشكيلية تكلفه ساعات طويلة، تمتد في كثير من الأحيان إلى ثلاثة أيام. أنواع الخيط حول علاقة العمل الذي يقوم به يونس بفن التطريز، يؤكد الفنان أن عمله يختلف كثيرا، حيث يعتمد على موهبة خاصة، بينما يخضع فن التطريز لقواعد محددة، وتستعمل فيه أدوات خاصة لا يمكن الاستغناء عنها. ووفق يونس، فإن من بين الصعوبات التي تصادفه في إبداع لوحاته، هو ندرة أنواع الخيط التي تصلح لإنجاز لوحاته، حيث يضطر إلى طلبه في الغالب من إسبانيا بسبب عدم توافره بشكل كاف في الأسواق المغربية. كما يشتكي أيضا من غياب الدعم الإعلامي للتعريف بفنه التشكيلي، وغياب المعارض والفضاءات لعرض أعماله الفنية، بما يمكنها من الوصول إلى أكبر قدر من عشاق الفن ما وراء البحار.